أقلام حرة

وقفة مع رواية بكاء السجاد اربعين سنة

قرات هذه الرواية حسب ما زعم صاحب حلية الاولياء (ابو نعيم الاصفهاني) روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: ان جدّي زين العابدين (ع) بكى على أبيه أربعين سنة مع كل وجبة طعام تقدم له ... وعنه نقلها المجلسي وابن طاووس وغيرهم ممن صال وجال بهذه الرواية .

حقيقة الرواية مرفوضة بكل المقاييس، فالسند مجهول، والناقل الوحيد لهذه الرواية والتي اخذ بها المجلسي وابن طاووس هو ابو نعيم الاصفهاني صاحب كتاب الامامة والرافضة وهو عامي المذهب كما ذكر السيد ابو القاسم الخوئي أي انه ليس امامي ، والاهم انا اسال استشهاد الحسين عليه السلام 61 هـ واستشهاد الامام السجاد 94 او 95 هـ فالفرق 34 سنة فكيف بكى اربعين سنة ؟

ياتي اخر لا يريد ان يكذب الحديث فيقول اعتقد انه  بكى عشرين سنة وليس اربعين سنة ...بالله عليك كيف اخترت هذا الرقم؟ عشرون سنة يعني قطع البكاء سنة 81 للهجرة،لماذا في هذه السنة وما حدث فيها؟

لو ان قائل قال بكى ثلاث او اربع سنوات ممكن ايجاد تعليل لهذا الرقم فنقول انه بعد قيام ثورة المختار وانتقامه من قتلة الامام الحسين عليه السلام وارساله لراسي عمرو بن سعد وعبيد الله بن زياد الى السجاد عليه السلام قد يكون ذلك صحيح وقيل ان الامام السجاد شكر الله على القصاص ودعا للمختار بل وقيل شوهد باسما .

وحتى رواية البكاؤون خمسة، فيها نظر، اسال لماذا نختزل سيرة الامام السجاد عليه السلام بالبكاء والنحيب؟ نعم امر صحيح ومعقول ان الامام السجاد عليه السلام يحيي الذكرى السنوية العاشورائية لانها من صلب اولوياتنا ان نقيم العزاء للحسين عليه السلام في ذكرى استشهاده ما ابقانا الله احياء، هذا يكون واجب على اصحاب الضمائر الحية التي تعلم ماهية واقعة الطف وما جرى على ال بيت الرسول من ظلم وقتل وانتهاك حرمة .

الامام السجاد بمرضه ونحوله وثب على اعواد الجامع الاموي ليلقي خطبة عصماء عرمرم وبكل شجاعة ولم تنزل قطرة دمعة من عينيه، هذا الامام الهمام نبخس حقه عندما نذكره بهذه الصورة الحزينة طوال حياته، فهنالك فرق بين احياء ذكرى الحسين عليه السلام وبين النحيب عليه طوال حياتنا بحيث نعطي صورة على الحزن والياس وهذا لا اعتقد انه يصب في صالح الرسالة المحمدية والنهضة الحسينية .

ولو الغينا رواية بكاء السجاد عليه السلام اربعين سنة ماذا سيترتب على هذا الالغاء؟ هل سيختل حكم شرعي ما؟ هل ستفقد واقعة الطف جزء من ماساتها؟ هل سيفقد التاريخ حلقة من حلقاته المهمة ؟

 

سامي جواد كاظم

 

 

في المثقف اليوم