أقلام حرة

الإسلام ورسالة السلام العالمي

hashani zghaydiإن يرتبط اسم السلام بأسماء الله الحسنى المتعبد بها وان يقترن ذلك الاسم بالسلامة والأمن والأمان، فربنا موصوف بكل صفات الكمال، وأن يقترن هذا اللفظ المعجز بأسماء الجنة لتلك الدار الطيبة، التي تهنأ فيها النفس من متاعب الحياة وصراعاتها وتقلباتها، فتكون الإقامة في جنة بلا أحقاد وأضغان، أو نزاعات وحروب، يدخلها المسلم بسلام وأمن، ثم يرتقي معنى السلام أن يكون عنوانا لهذا الدين، فيكون الإسلام دين سلم وسلام، وأمن وأمان في قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ﴾ .

 وليس عجبا أن يرتبط السلام والسلم في رسالة الإسلام فيكون شعار المسلم المعتدل الوسطي السني السلفي، فحين تربط تحية الإسلام بهذا اللفظ الموحى لكل المعاني والمقاصد بكلمة السلام، لفظ دال لا يحتاج صاحبه لطول شرح، فكل من تبادله التحية محاط بالسلامة والأمن، فلا يلحقه منك أذى أو غدر، فهو عقد آمان يشعر معه صاحبه بالمطمئنة والراحة والسكينة، ليس معها خوف، هذه هي رسالة الإسلام للدنيا، إنها رسالة نحمل دعوة للإنسانية، تحمل الخير للبرية، رسالة تحمل الأمان للناس، رسالة لا خوف معها، رسالة تحمل التباشير والهداية، رسالة تبشر بها الأحاديث النبوية الشريفة الراقية في قيمها . يروي ذلك البراء بن عازب يقول : " أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِفْشَاءِ السَّلَام " [صحيح البخاري عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدٍ]

 هذه هي رسالة الإسلام السمحة النقية، المتبرئة من الغلو والتطرف والانحراف والشطط، رسالة مبرئه من زيف المنتحلين والعملات المزيفة، رسالة نقية بلغها صاحبها محمد رسول الله في كمال دون تحريف أو تشويه، إن رسالة الإسلام عم نفعها للجميع، فكانت رسالة رحمة للحيوانات فقد دخلت امرأة النار من أجل حبس هرة بمنعها الطعام والماء، فرسالة الإسلام سبقت مواثيق جمعيات الرفق بالحيوان ليتنا نتصفح صفحات تاريخنا، ومن النصوص الداعمة ما جاء في البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء، ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له، قالوا: يا رسول الله وإن لنا في هذه البهائم لأجراً؟ فقال: في كل كبد رطبة أجر)..

 إن رسالة الإسلام رسمت في مقاصدها الشرعية حماية حياة الإنسان بكل أبعادها، رسالة صانت الشرائع السماوية فحرمت الأمور التي تمس سلامة المعتقد، فالإنسان لا يستطيع العيش بلا دين أو معتقد فكان الإسلام رسالة تثبيت الإيمان ومحاربة الشرك بجميع صوره، رسالة حمت شعائر التعبد، وحضت الأتباع الدعوة إلى الفضائل، ومن رسائل الإسلام لتحقيق السلام الحفاظ على حرمة أدمية الإنسان، فحرمت دمه وماله وعرضه فأحقت له حق الوجود، فلا يحق لأحد أن يمس سلامة حياته، إلا في الإطار الشرعي القانوني حماية للمصالح، وقد تميزت رسالة الإسلام عن غيرها حفاظا على السلم حماية العقل الإنساني، فكانت كل الأحكام والتشريعات تنص على حرمة ما يضر هذا العقل، من المسكرات بكل انواعها، والمخدرات وسمومها، ورفع قدر العلم وشأنه والبحث والنظر والتفكير، فكان الإسلام رسالة تنوير، يرفض الجمود والتخلف والتبعية العمياء، يعلي حق الاجتهاد فلا يحجر على العقول، رفضا لمخلفات العصور الوسطى التي ذاقت أروبا مرارتها، فرسالة الإسلام لم تقم محاكم التفتيش للعلماء ولم تصلبهم، إن رسالة الإسلام في أـبعادها تركت بصمات واضحة في التاريخ وغي الحضارات والأمم إن رسالة الإسلام حملت الروائع فالإسلام دين سلام وحرية وعدل، دين محبة ووئام، وليس دين عنف وإرهاب إن رسالة الإسلام أقامت صرح الحياة وخلدته في كتاب محكم من آياته " مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً " من سورة المائدة 32).

 

بقلم الأستاذ حشاني زغيدي

 

 

في المثقف اليوم