أقلام حرة

الردة السوداء

jafar almuhajirلم يعد خافيا على أي مواطن بسيط في العالم العربي والإسلامي إن طغمة آل سعود الحالية الحاكمة التي يقودها شاب متهور ذو نزعة عدوانية، ومصاب بهوس القوة، ويعتقد إنها أصبحت ملك يمينه يستعملها في أي مكان من الوطن العربي في الوقت الذي يشاء نتيجة لغياب القوانين الدولية التي ترفض التدخل في شؤون الدول الأخرى إلا في حالات معينة يوافق عليها مجلس الأمن. فالبطش في الداخل والتآمر والتدخل السافر في شؤون دول الجوار في الخارج أصبحتا من السمات البارزة للنظام السعودي الحالي. حيث المال النفطي ألوافر والسلاح الذي ينهال من دول الإستكبار العالمي بعشرات المليارات من الدولارات وإمبراطوريات الإعلام التي يملكها على مدار الساعة والتي لها القدرة الفائقة على تجميل وجه النظام وجعله المثال النادر  للحكم الرشيد الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

وبهذه الوسائل فإن النظام الظلامي السعودي يعتقد إن فرض نفوذه وإرادته على الدول العربية والإسلامية بات ممهدا له لجر شعوب هذه الدول إلى مواجهات طائفية دموية بين مكوناتها لايعرف مداها إلا الله والحجة الكاذبة (الدفاع عن أهل السنه). وبذلك يقدم خدمة مجانية للكيان الصهيوني المتربص بهذه الأمة والذي لم يحلم بمثل هذه الردة السوداء المتعددة الأوجه منذ أن زرع كيانه الغاصب في قلبها الدامي فلسطين . وهو يعيش اليوم في أوج نشوته وغروره نتيجة لهذه الخدمات المجانية التي تقدم له على طبق من ذهب بعد أن أخذ بعض رموز هذه المملكة مغازلة هذا الكيان الذي يطمع بالمزيد من التراجع للأمة العربية والإسلامية لكي يحقق كل مخططاته العدوانية في المنطقه.  

وأساليب بطش حكام هذه العائلة المالكة في الداخل كثيرة وليست خافية على العالم وخاصة على حكام أمريكا والغرب الذين ينادون بحرية الشعوب وحقوق الإنسان، لكن الدولار والبترول أهم من حقوق الشعوب بالنسبة لهم.وهم دوما مع كل نظام قمعي يخضع لأرادتهم وكل الوقائع على الأرض تؤكد إن قمع العائلة الحاكمة تصاعد بعد أن منحها التاجر والمقاول دونالد ترامب تفويضا مطلقا لتفعل ماتريد بعد أن حصل على مبتغاه من المال الذي يعتبره هاجسه الأول.

ولو استعرضنا جرائم النظام السعودي بعد تسلم الملك سلمان وأبنه محمد مقدرات الحكم لطال بنا المقام . وسأذكر أبرز هذه الجرائم:

لقد أقدم النظام السعودي على إعدام العالم الجليل الشهيد نمر باقر النمر الذي كانت الكلمة الصادقة سلاحه الوحيد في الدفاع عن المظلومين في وطنه، وحاولت وسائل إعلامهم وفتاوى وعاظهم المارقين تشويه صرخات الشيخ الشهيد النبيلة المدوية التي أرعبتهم وهم في قصورهم الفخمة. فوصفوها بأنها (دعوة للإرهاب) لأن هذه التهمة هي الطريق الأقصر لقطع الرقاب البريئة . وهم الإرهابيون والقتلة الذين يجب أن يمثلوا أمام محاكم دولية عادلة لكي تحاسبهم على جرائمهم الكبرى بحق الشعوب بعد أن سفكوا الدماء ، وشردوا الملايين من ديارهم بدعمهم الإرهابيين في سوريا بالمال والسلاح، والإعلان عن نواياهم الغادرة علنا بإسقاط أي نظام عربي لايسير في فلكهم، وهي شريعة الغاب الجديدة التي يجاهرون بها ، ويبغون توسيعها خارج نطاق العلاقات الدولية نظرا للسبات والموت السريري الذي أصاب الضمير العالمي والإسلامي إزاء هذه الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية خجلا.

 وهم اليوم منهمكون في زج الآلاف من المعارضين بالكلمة في سجونهم المظلمة التي تقام فيها عمليات التعذيب بعيدا عن أية مراقبة دولية.

وحربهم الهمجية على شعب اليمن الجريح والتي وصفوها بـ (عاصفة الحزم) منذ عامين ونصف هي إبادة جماعية لشعب عربي مسلم ،وتستحق أن يطلق عليها عبارة عاصفة الدم.  حيث لم يمر يوم إلا وترتكب طائراتهم الحربية مجزرة مروعة بحق هذا الشعب الفقير هي لطخة عار كبرى على جبين النظام السعودي الذي فقد كل معنى للأخلاق العربية والقيم الإسلامية. حيث يسفك دماء الأبرياء بالجملة تماما كما تفعل داعش التي ولدت من رحم هذا النظام الذي لايعترف بحرمة سفك دم الإنسان مسلما كان أم غير مسلم ولم يردعه دين أو قانون دولي حيث يقول الله في محكم كتابه العزيز:

 وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا.- الفرقان 93.

ويقول رسول الله ص في حديث ثابت :   

(لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم).

لكن هذا النظام يتحدى الإسلام ونبي الإسلام ، ويستخدم كل ماجمعه من أدوات الحرب الفتاكة طيلة السنوات السابقة وعلى رأسها مئات الآلاف من أطنان القنابل والصواريخ المحرمة دوليا التي مازالت تطلقها طائرات ف16 وتورنيدو والميراج على رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ في هذا البلد العربي المسلم فيمزق أجسادهم بهمجية قل نظيرها في التأريخ. واليوم يتعرض أكثر من مليون طفل يمني للإبادة بعد أن انتشر مرض الكوليرا والأمراض المعدية الأخرى بشكل واسع تحت نظر وسمع المنظمات الإنسانية العاجزة عن وقف هذه المأساة الإنسانية الكبرى.

والنظام السعودي جمع بعض العملاء وأسكنهم في الفنادق الضخمة وأطلق عليهم صفة (المعارضة) وهو لم يعترف يوما بشيئ أسمه معارضه. ويمد العصابات التكفيرية الإجرامية بالأسلحة الفتاكة وبالمال لترتكب جرائمها البشعة في سوريا، وما أصدره وعاظه من فتاوى تحرض على القتل في العراق مائلة أمام أعين الشعب العراقي بالحجة الواهية  (الدفاع عن أهل السنه ). وجرائم مئات الإرهابيين السعوديين في العراق أدت إلى استشهاد الآلاف من العراقيين وهي تحتاج إلى مجلد ضخم لتدوينها وسجن الناصرية الذي يقبع فيه بعضهم فيه يحتوي على قصص كثيرة لجرائم هؤلاء القتله. ولن ينسى العراقيون وقفة حكام هذه المملكة المخزية حين غزت داعش العراق، وأطلق وزير خارجيتهم المفبور سعود الفيصل عليهم صفة (ثوار العشائر) وكان النظام ينتظر على أحر من الجمر سقوط بغداد. والحملة الإعلامية المسعورة ضد الحشد الشعبي الذي أنقذ العراق ليست خاقية على العراقيين أبدا .

واليوم تبيد آلة القتل السعودية أهل بلدة العوامية الأبرياء بما فيهم الأطفال والنساء وقد تحولت منطقة المسورة التأريخية التي عمرها أكثر من مائتي عام إلى كومة أنقاض، وتم تهجير أهلها نتيجة ضربها بالمدفعية الثقيلة وبالمروحيات العسكرية وإبادة أهلها تحت سمع وبصر مايسمى بالمجتمع الدولي الذي تقوده أمريكا الباغية والذي ينتفض كالمذعور حين يُقتل مستوطن صهيوني ويبقى صامتا كالصنم حين تباد شعوب، وتصادر حقوقها. واعتبار حزب الله بأنه (حزب إرهابي) هي دعوة صريحة لخدمة الكيان الصهيوني لأن هذا الحزب يمثل الشعلة الوحيدة المتبقية في الوطن العربي، وشبابه هم طليعة هذه الأمة، وعنفوان مجدها وكرامتها. وهذه الصفة التي أطلقوها عليه ليست إلا صفحة سوداء أخرى يضيفها آل سعود لتأريخهم الذي يعج بالمخازي والآثام بحق الأمة العربية والإسلامية وطلائعها التحررية الثورية التي أذاقت الصهاينة طعم العلقم في كل المواجهات العسكرية معهم.

وقد جاء رد الحكام الصهاينة وعلى رأسهم نتنياهو الذي وصف التسمية بأنها (تطور هام ومدهش، وأن أبعاده ومفاعيله تؤشر إلى وجود تغييرات كبيرة في العالم العربي وأن هناك دولا عربية كثيرة باتت تعتبر إسرائيل ليس عدوا لها.)

إن العائلة السعودية الحالية تحاول تشويه تأريخ الأمة والإستهانة بدماء شهدائها، وإفراغ الدين الإسلامي من محتواه الإنساني الطاهر. وجعله منهجا للتعصب والجريمة وشن الحروب الظالمة للحفاظ على عروشها التي بنتها على جماجم الشهداء. فأية ردة أبشع من هذه الردة السوداء التي يتزعمها هؤلاء الحكام؟ وهل يرضى علماء الأمة وسياسيوها الشرفاء وثوارها  بهذا التداعي المريع.؟ أما التغاضي عن كل هذا والذهاب إليهم ، وتبادل القبلات معهم ومكافأتهم على جرائمهم، فإنه سيشجعهم على التمادي في عدوانيتهم وإشعال حروب جديدة يذهب ضحيتها  الآلاف من البشر. وأنا كمواطن عراقي مستقل لاتربطني علاقة بأية جهة سياسية في العراق وبعيد كل البعد عن هذه المائدة المحرمة التي أسمها الحكومة العراقية،ولست تابعا لإيران، وأكره الطائفية من أية جهة تصدر أتمنى من كل قلبي أن أرى في وطني حكومة قوية تتناسب والعمق الحضاري للعراق ولها علاقات ودية متكافئة مع كل دول الجوار على أساس الإحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لتعود بالنفع على الشعب العراقي . لكنني أعتبر زيارة السيد مقتدى الصدر إلى السعودية وجلوسه مع رموز هذه المملكة الطائفية الذين لم يتورعوا عن إهانة طائفة كبيرة من المسلمين في العراق وهو بين ظهرانيهم كما فعل عادل الجبير وثامر السبهان أمر يضر بوحدة الشعب العراقي. ومن المؤلم حقا أن يسمع المواطن العراقي هذه التصريحات الطائفية أثناء تلك الزيارة . وكان الأحرى بالسيد مقتدى الصدر الذي أحترمه وأؤيد دعوته للإصلاح إستنكار تلك التصريحات لابل قطع الزيارة إحتجاجا على تلك التصريحات الطائفية المقيتة التي تؤكد إن هذا النظام مستمر على نهجه العدواني . إنهم يحقدون حتى على الموتى ويتهمونهم بالكفر والضلال فقد رحل الفنان الكويتي الكبير عبد الحسين عبد الرضا ولم يسلم من شر أحد وعاظ هذه المملكة الظلامية وهو في قبره فقد غرد الشيخ الدكتور علي الربيعي بالفتوى التي قال فيها :

(لا يجوز للمسلم الدعاء لعبد الحسين عبد الرضا لكونه رافضي ايراني مات على الضلالة، وقد نهى الله المسلمين أن يدعو بالرحمة والمغفرة للمشركين ). فأي حقد أسود يضمره هؤلاء في صدورهم النتنة.؟

اما الإنطلاق من مقولة (عدو عدوي صديقي) وتقديم التنازلات المجانية لهذا النظام والتباحث معه في أمر الحشد الشعبي الذي هو شأن عراقي خاص فهو أمر لايتناسب مع تأريخه.ومن حق كل مواطن عراقي أن يبدي رأيه في هذه الزيارة. فالسيد مقتدى الصدر ليس قائدا لكل الشعب العراقي بل هو قائد لشريحة معينة من العراقيين ومن حقهم أن يحتفوا به وبزيارته، ويغنوا له على الطريقة الصدامية دون أن يتلقى المعترضون عليها كلمات نابية من المتحدث باسمه الذي إدعى بأن كل من ينتقد الزيارة هو طبل أجوف وتافه وغيرها من الكلمات وهو يدعي إنه رجل قانون. وقد مضى زمن الصنمية وتقديس الأشخاص على أساس مقولة (إحنه وياك ياصدام وين تريد ودينه) إلى غير رجعة.      

ونظام يرتكب كل هذه الجرائم التي تثبت إثباتا قاطعا لايحتمل التأويل إنه من أشد الأنظمة إنتهاكا لحقوق البشر في عالمنا المعاصر. ولايمكن أن تكون شخوصه حمائم سلام مع جيرانه أبدا وسيثبت الزمن ذلك اللهم أشهد إني قد بلغت.

 

جعفر المهاجر.

 

 

في المثقف اليوم