تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

سسوَيِلِمْ ودوَيِمْ*

jafar almudafarفي منطقة (الخمسين حوش) من مدينة المعقل البصرية وفي العهد الملكي كان هناك شقيان يتقاسمان الهيمنة على الحي. الأول كان يدعى (سويلم) ويعمل قصابا والثاني يدعى (دويم) ويشتغل (خنجر وبطل عرق).

أكثر مناطق المدن العراقية كانت تعيش ظاهرة الشقاوات، وغالبا ما كان يحدث ان تحسم تلك المناطق ولاءها في النهاية لواحد منهم بعد تغلبه على منافسيه الذين يبايعوه على زعامة الحي.

غير أن الخمسين حوش ظلت من بين مناطق قليلة موزعة النفوذ على الشقيين، وكان من الطبيعي ان تشهد شوارع الحي بين آونة وأخرى معارك شرسة بينهما يستعمل فيها السلاح الأبيض بعد أن يكون حليب السباع قد لعب دور الإحماء والتنشيط، لكن الذي كان يثير إعجابنا نحن الأطفال حينها قدرة الخصمين على إيذاء احدهما الأخر دون إصابته بمقتل. وظل القتال سجالا بين الطرفين، إذ بعد كل معركة كنا نرى الشقيين يسيران، كل على رصيف متباعد، وهما مضمدا الجراح من المعركة السابقة.

وما لبث الحي بعد إنهيار الحكم الملكي ان شهد نوعا آخر من النزاعات وهو ذلك الذي دار بين الشيوعيين والقوميين وأصبح الشارع ممهدا مرة أخرى لقتال كان من نتائجه إنسحاب (سويلم و دويم) منه وتسليمه قهرا لمحاربيه الجدد.

هل إنسحب سويلم ودويم من حياتنا حقا .. لا أعتقد، بل إنني أراهما يعاودان النشور في كل مرحلة، ولكن بأشكال وهيئات مختلفة، وفي مرحلتنا الحالية ثمة (سويلم ودوَيم) في كل الشوارع والأحياء والمدن والقصبات وفي المؤسسات الحكومية وحتى في الجامعات، وما زال الصراع على الهيمنة والنفوذ قائما، لكن الذي يميزه عن شكل الصراع القديم أن سويلم ودويم وذريتهما تمكنا من السلطة نفسها بعد أن كنا حلمنا بإختفائهما من حياتنا إلى الأبد.

 

جعفر المظفر

.....................

سويلم ودويم : من سالم ودايم

 

 

في المثقف اليوم