أقلام حرة

هل تبرا علي شريعتي من بعض افكاره؟

استهل مقدمة المقال بهذه الرواية بالمعنى وليس بالنص، هنالك رجل فقير فكر كيف يغتني؟ فتوصل الى ان يبتدع افكار معينة اشبه بالاحراز والخزعبلات والايمان بالاكاذيب (في زمن الامام الصادق كان للزندقة حضور)، فاستطاع ان يقنع شريحة كبيرة من المسلمين بافكاره واعماله وبدات تجمع له الهدايا والاموال فاصبح غنيا، وفي احدى الليالي فكر بنفسه ومافعل وكيف سيواجه الله عز وجل، فذهب الى الامام الصادق عليه السلام لكي يتوب وقال له كل اموالي انا متنازل عنها قبالة التوبة فقال له الامام عليه السلام توبتك مقبولة بشرط ان تعيد الذين انخدعوا بافكارك الى رشدهم، فعاد الى قومه ونادى بان ما كان يدعيه هو باطل فردوه وقالوا له انك تكذب لان بقيت تردد هذا كلامك سنقتلك فتركهم وهرب .

هنالك مبدا يجب الاتفاق عليه وهو من اهم معايير المثقفين وهو مناقشة الافكار وليس الشخصيات فالشخصية تبقى محترمة مهما كان رايها هذا اولا وثانيا ان كل من يدعي فكرة ما هو اولى بان يلتزم بها .

اعتقد ان كتب الدكتور علي شريعتي طبعت اكثر من مرة وله رواده الى الان بل اصبح مدرسة ثقافية يعتمدها الكثير من المثقفين، وفي الطرف الاخر هنالك من يرفض افكار علي شريعتي فالبعض يرفضها بكل ادب واحترام والبعض يغالي في رفضها فينعت الدكتور شريعتي باوصاف لا تليق به وهذا هو عين التعصب والجهل .

في اخر كتاب للدكتور علي شريعتي بعنوان (الحسين وارث ادم) تضمن قبل مقدمة الكتاب مفارقات بخصوص مدى مقبولية افكار علي شريعتي عند السيد الخميني ولان السيد لم يرفضها ولم يقبلها فتراهم اعتمدوا على ثناء بنت الخميني لشريعتي مؤولين هذا المدح لو كان بعدم رضا السيد الخميني لرد على ابنته، وهذا منطق لا يقبل القناعة .

ولكن ذكر السيد محمد رضا حكيمي وهو من اصدقاء شريعتي ومن كان بقربه قبل مقتله يقول لقد اوصى الدكتور شريعتي الجميع بنقد مؤلفاته وحذف كل ما لا يتطابق مع الموازين الاسلامية واصلاحه وكان ينوي ان يفعل ذلك بنفسه وان يعيد النظر في كل ما كتب لكن الاجل لم يمهله (الحسين وارث ادم ص/36 / دار الامير/ ترجمة وتحقيق الدكتور ابراهيم دسوقي شتا)...انتهى

هذه الوصية اليست اشبه بتوبة الرجل في الرواية اعلاه؟ هذا امر والامر الاخر ليست كل افكار الدكتور شريعتي مرفوضة بل فيها الرائع، ولربما نوايا الدكتور هو استهاض الامة وردع الجهل ولكن الاسلوب الذي اعتمده كان فيه ثغرات وتجاوز كثيرا على رموز الاسلام منها مثلا تجاوزه على المجلسي وكتابه بحار الانوار وهذا التجاوز كان له وقعه عن السيد الخميني، ونحن نقول نعم ان كتاب بحار الانوار فيه من الروايات ما لايقبلها الله عز وجل ولا رسوله ولا العقل ولا المنطق، ولكن الشيخ المجلسي قام بجمع كل شاردة وواردة وترك نتاجه لنا لكي ننتقي منه الصحيح كما هو حال كتاب الكافي للكليني، ولان الدكتور شريعتي كانت له مؤخذات على كثير من الروايات فانه تهجم على المجلسي اكثر مما انتقد الروايات الضعيفة .

كانت له اراء قد تكون من صلب تراث اهل البيت الا انه يدعي هو مدعيها، ولان ثقافته عالية جدا كان الاحرى به ان ينسب ما يدعيه الى اصله، على سبيل المثال كان يؤكد على دراسة الروايات دراسة عقلية وهذا هو ما قاله الامام علي عليه السلام: " اعْقِلُوا الْخَبَرَ إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ دِرَايَةٍ لَا عَقْلَ رِوَايَةٍ وقال ايضا همّة السفهاء الرواية، وهمّة العلماء الدراية

النتيجة ليس كل ما جاء به شريعتي مرفوض ولكنه جانب الحق في كثير من ارائه

 

سامي جواد كاظم

 

في المثقف اليوم