أقلام حرة

سلاما أرض السياب ياجنة عدن

اسراء العبيديدروب أسى وأنين وحلم السنين.  ونهايات حزينة لأشلاء موتى تكبدوا العناء وطاروا على أجنحة الخلود . إنهم ضحايا ثورة البصرة المنتصرة .

أعجاز نخل خاوية ورصاصة من النوع الثقيل دخلت قلبي ونهايات محتومة وكلمات مكتومة . لم يعد السكوت يجدي نفعا وهنالك الكثير من الوعود لأهالي البصرة بتغير واقع الحال المرثي . وما آلت أليه البصرة الفيحاء هو بسبب إهمال الحكومة لمطالب أهل البصرة الكرام ...

مدينتي الجميلة مازلت ألوح لكم بإبهام يدي منتظرة إشارة النصر .

إشارات بيضاء تنبأ بالنصر القادم فصبرا ياأهالي البصرة والنصر حليفكم . صبرا وكان الله بعونكم . حكايتكم حكاية أمل . حكاية جروح وخفايا كلمات إنكم صامدون حتى النهاية . نحن معكم ونكاد نتنفس أوجاعكم ونرى صعود الطغاة وبكاء الامهات يجسد حكاية حرب الفتنة ولعت حتى النهاية . فإتقوا شر الفتنة والمؤامرة الكبيرة التي تتعرضون لها . لأننا ندركها جيدا وإنها لاتحتاج لمجهر الكتروني لكي نراها فهي واضحة كوضوح الشمس .

فلما كل هذا الألم الذي لايطاق قد خيم عليك يابلدي؟ أحقا عادت النكبات والكوارث تحيط بك مجددا ياحبيبي ياعراق . فهل عاد جو أعماق الازقة؟ زقاق الاوجاع والآهات أم كل أزقة تؤرخ بعضها بعضا .

حقا غريب جدا مايحدث للبصرة فهي اليوم ﺗﺤﺘﻈﺮ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻨﺔ ﻋﺪﻥ أصبحت ﺟﺤﻴﻢ ﺍﻟﺪﻡ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﻒ . لحظة واحدة أغمضت عيني كي أنسى مايحدث في مدينة شط العرب التي كانت يوما ما عاصمة للعراق قبل العاصمة بغداد . وهي اليوم وبكل ماتحتويه من خيرات وثروات سمكية ونفطية تعاني من تلوث المياه . وعدم توفر مياه صالحة للشرب . فهل ياترى لو كان بدر شاكر السياب حيا لحد الآن ماذا كان سيكتب لنا من شعر عن البصرة الفيحاء؟ أغنانا بمنجزه الشعري ورحل وترك لنا رئة تتمزق .

عار وألف عار عليكم واللعنة عليكم ياحكومة البصرة الفاسدة . أهذا هو حال أرض السياب؟ ماذا نقول غير حسبي الله ونعم الوكيل . الويل لكم ياجبابرة الحروب وياسماسرة السياسة ويا تجار الدم .

أحاول فقط أن أنسى يوما ما إني حلمت بالسلام في وطني . وسأنسى يوما ما أنا كنت طفلة وأتصور إن من لايريد خيرا للعراق هم العدوان الطامعون بخيرات العراق . واليوم بعدما كبرت فهمت الحقيقة جيدا إن الحكومة هي وجهين لعملة واحدة . وجه خير ووجه شر وكفة الميزان تتأرجح فيما بينهما . إنهم ليسوا قادة السياسة والسلام للبلد بل قادة الدمار . لإنهم دائما يفضلون مصالحهم الشخصية على مصالح الشعب ويتصارعون فيما بينهم من أجل الكرسي وحسب . وحبهم الوحيد هو المنصب والصعود للسلطة والوصول لها بأي طريقة . حتى لو كان ذلك على حساب الشعب المسكين الذي لاذنب له في كل مايجري من أحداث وفوضى عارمة بقيادة الحكومة التي تدعي دعم المضاهرات، ولكنها تخطط من أجل الايقاع بهم عبر وضع المندسين بينهم الذين يثيرون أعمال الشغب . وينسبوها للمتضاهرين لكي لاتصبح التضاهرات سلمية . وهكذا يتحقق هدفهم المنشود بإيقاف المتضاهرين من أجل النيل منهم . وعدم إعطائهم حقوقهم ومطالبهم الشخصية . والتي أبسطها توفير ماء صالح للشرب وتوفير فرص للعمل للقضاء على البطالة . ومعالجة مشكلة إنقطاع التيار الكهربائي .

من شرق الكلمات آيات للنسيان وشوارد لفاقدين الحس الوطني الذين لايؤلمهم ماحدث للبصرة . وهنا أود ذكر ﺗﺼﺮﻳﺢ ﻟﺸﻌﺒﺔ ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ﻛﺸﻔﺖ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﺘﻠﻮﺙ ﺑﻤﻴﺎﻩ ﺍﻹﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ ﺟﺪﺍ، ﻭﻗﺎﻟﺖ ﺇﻥ " ﺍﻟﺘﻠﻮﺙ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﻣﻴﺎﻩ ﺍﻹﺳﺎﻟﺔ ﺑﻠﻎ 100 ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻠﻮﺙ ﺍﻟﺠﺮﺛﻮﻣﻲ 50 ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ ." كما ﺷﻬﺪﺕ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ﺧﻼﻝ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺍﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﺗﺴﻤﻢ ﺍﻟﻤﺌﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﻤﻠﻮﺛﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻭﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﻭﺿﺤﺎﻫﺎ ﺍﻛﺘﻈﺖ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎﺕ ﺑﺎﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻋﻦ ﻋﻼﺝ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻭﺻﻞ ﻋﺪﺩ ﺍﻹﺻﺎﺑﺎﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ 4 ﺁﻻﻑ ﻣﻮﺍﻃﻦ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺣﺎﻻﺕ ﺍﻹﺳﻬﺎﻝ . كل هذا يحدث في أرض السياب والحكومة لاتحرك ساكنا عجيب فعلا أمرهم .

عشرون دقيقة فقط قد مرت علي منذ أن قمت أسترجع فيها ذاكرتي وأنا أكتب هذا المقال . ولم يحضرني سوى شيء واحد قد رأيته قبل أيام . إنه أشبه بمشهد تراجيدي مؤثر على قناة الحدث لعائلة بصراوية تبكي فرحا بعد أن حصلت على قنينة ماء صالح للشرب .

فيال سخرية القدر صارت القنوات العربية تتسابق لعرض مأسآتنا . وأصبح العراق مادة دسمة للصحافة بشكل عام .

أين كنا سابقا ؟ وأين أصبحنا اليوم في خبر كان ؟ كيف لنا أن نسى إن العراق ﺃﻭﻝ بلد ﻋﺮﺑﻲ ﺑﺪﺃ ﺇﺭﺳﺎﻟﻪ ﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻲ ﺍﻷﻭﻝ ﻋﺎﻡ 1954 . ﻭبهذا يعتبر ﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻥ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺃﻭﻝ ﻣﺤﻄﺎﺕ ﺍﻟﺘﻠﻔﺰﻳﻮﻥ ﺍﻟﻨﺎﻃﻘﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ . واليوم بعد كل مايمر به من نكبات وكوراث كأنه يعود خطوات كثيرة للوراء .

وفي الختام أود القول من ﺟﻬﺘﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﻛﺼﺤﻔﻴﻴﻦ ﻋﺮﺍﻗﻴﻴﻦ ﻧﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻣﻌﻨﺎ ﻟﻠﺤﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩِ ﺍﻟﻜﻮﺍﺭﺙ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ . ﻭﺍﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺘﻮﻓﻴﺮ ﺧﺪﻣﺎﺕ ﻭﻣﻴﺎﻩ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻟﻠﺸﺮﺏ ﻷﺑﻨﺎﺀ محافظة البصرة .  ﻓﻬﺬﻩِ هي ﺃﺑﺴﻂ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﺔ ﺗﻮﻓﻴﺮﻫﺎ ﻟﻠﻤﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ . ﻟﻴﻌﻴﺶ ﺑﻜﺮﺍﻣﺔ ﺗﻌﻮﺿﻪ ﻋَﻦ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻣﻦ ﺳﺮﻗﺔ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ  ﻭﺳﺮﻗﺔ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﻡ .

 

الكاتبة اسراء العبيدي

 

في المثقف اليوم