أقلام حرة

كيف يختار الناخب افضل مرشح في الانتخابات

البرلمان بحد ذاتها ولوحدها فهي عملية مصيرية تهم حياة المجتمع بكافة فئاته بصغيرهم وكبيرهم وحتى تهم خصوصيات الفرد الناخب وما تهم عائلته وشخصه، وكما هو الحال فيما يكون لها الدور المتميز في تحديد سياسة الدولة ومستقبلها وتشخيص وتحديد وتنظيم النظام العام لادارة البلد ناهيك عما يخص الخدمات الضرورية العامة للشعب ومتطلباته اليومية.

ما نمر به في هذه الايام، هو التحضيرات المتعددة الجوانب لتنفيذ العملية الانتخابية من النواحي السياسية والفنية والادارية، وما يحتويه النظام الانتخابي الجديد من مجال او فرصة سانحة اكثر من سابقاته من حيث المضمون وما يتعلق بحرية الاختيار وفي حدودها المعينة ولم تصل لحد ما نعتقد ان تصل اليه الحال في ترسيخ الارضية المناسبة لكل فرد في توفير الفرصة السانحة للترشيح والعمل على تحقيق طموحاته العامة وامكان نجاحه في خدمة الشعب والحفاظ على مصالحه العامة اكثر من غيره.

 ما موجود على ارض الواقع وما يسمح به قانون الانتخابات الذي اقره مجلس النواب، وما نقراه او نستدل به، ان النتائج التي تتمخض من العملية الانتخابية لا يمكن ان نعتقد انها ستحقق بحدافيرها الاهداف والشعارات المطروحة والبرامج التي تروج لها، وفي المقابل لا يمكن ان نطمئن على ان المرشحين الذين يمكن ان تكون فرص نجاحهم او فوزهم في العملية كبيرة، ان يكونوا من المتميزين ولا غبار عليهم، او من النخبة التي يمكن ان يخدموا اكثر من غيرهم، والتي يمكن ان نعبر بهم المرحلة المتنقلة بامان وسلام ونرسوا على شاطيء الامان، لاسبابه العديدة وما تفرضه الظروف الموضوعية والذاتية للشعب العراقي من ستوى الوعي والثقافة العامة ومؤثرات الروابط الاجتماعية والحزبية والدينية والعقلية المسيطرة على زمام الامور وا تملكه الكيانات السياسية الثقيلة التي تتوفر لديها الامكانيات في تغيير مسار العملية السياسية، والجهات العاملة على الساحة وتوجهاتهم وما يحملون وما يضمرون، وما تفرضه صراعات الاقليم ولاسيما التدخلات المباشرة او بتوكيل المقربين في جميع الاحداث وبالاخص العملية الانتخابية وما يهم الديموقراطية وشروطها.

و من التجارب السابقة التي مرت والمستجدات التي طرحت والاوضاع التي تغيرت، وما يتضمنه قانون الانتخابات الحالي من النقاط الاكثر ايجابية من الماضي، نعتقد ربما  ستكون النتائج افضل من سابقاتها ولكن بنسبة ودرجة معينة بحيث نحتاج الى الكثير من العمليات الديموقراطية لتجسيد ما يهم الشعب من المفاهيم التي تعتمد على الديموقراطية الحقيقية وتتاثر بها وتؤثر عليها، منها الحرية والمستوى المعيشي والثقافي للفرد والراي العام، ومن اهم هذه المتطلبات وجود قانون الاحزاب العصري المنفتح الضروري وقاون الصحافة والاعلام واستقلالية العملية الديموقراطية والانتخابية بالاخص، وعدم تاثير السلطة او من يعتليها عليها ، وكما لا يمكن ان يستاثر بها السلطة اكثر من غيرها، وهذا يفرض وجود الشروط والقرارات والقوانين الرادعة لما يتلائم مع وضع البلد من كافة النواحي، وتوفير افضل السبل والامكانية امام الناخب وتسهيل مهامه في عملية التصويت، والاهم من كل ذلك المحاولة المستمرة الدائمة من قبل المهتمين بالبلد في تصقيل احساس الناخب باهمية الانتخابات وشرح وتوضيح ما تكمنها من التاثيرات الحاسمة على حياته وذلك بالاصرار بكل الوسائل المتاحة لزرع روح المواطنة وعدم الاغتراب في كينونته وتفكيره وعقليته وتثقيفه باهمية العملية الديموقراطية وما تحتويها بشكل عام ، وهذا ما يحتاج الى عمل دؤوب من كافة الجهات مع مرور الوقت .

على ضوء مابين ايدينا من شروط الترشيح والانتخابات وم ا يمكن ان ترشحه الاحزاب والائتلافات، نعتقد ان قانون الانتخابات للمجلس النواب القادم يفرض تغييرا في رؤية الناخب لاختيار المرشح، وهذا ما يدعنا ان نتاكد بان الاسماء الموجودة في القوائم لن تكون متكررة لما هم عليه اليوم بشكل كبير، وبالاخص القائمة شبه مفتوحة لاختيار المرشح بحرية وستضع شروطا على الاحزاب في التفكير في عدا ما يملكون من المنتمين ان يصغوا لى الخبراء وان يضعوا في الحسبان المرشحين الذين يملكون من القدرة في الجوانب العديدة لجمع اكثر الاصوات استنادا على العلاقات الاجتماعية وروابط القربى والعشيرة والقبيلة واعداد قليلة من النخب المتنوعة، وكل ذلك لحصد الاصوات المتفرقة، وسنجد المعمعة تشتد في المرحلة الانتخابية الحالية وربما تنتج من المفاجئات غير المتوقعة وما لم تكن في الحسبان، ويجب ان نقرا الواقع كما هو ونستقرا حتى الرجوع الى الوراء بخطوات فيما يكون عليه مجلس النواب العراقي القادم، لان الشروط والقانون لم يحسب فيه الا الاقتراب من الترشيح الفردي وبشكل اخر، وسنرى من الشخصيات والمستويات والثقافات والعقليات والسياسات  مختلفة ومتنوعة ومتباينة.

كل هذا يفرض على النخبة المثقفة المشتتة لحد اليوم ولاسبابها المعروفة وان كانت منتمية الى الاحزاب والتيارات والجهات او غير منتمي ان تضع النقاط الضرورية الهامة اما عينيها، وربما المصالح الذاتية فرضت عليها المساومة في جانب ما في حياتها والضرورات اباحت لها المحضورات في هذا العصر، اما العملية الانتخابية لن تكون علنية لتتضرر في اي شيء وعليها ان تحكم بضميرها في الاختيار استنادا على الاستراتيجيات الفكرية العقلية المستقبلية لها وما تعتقدها وتؤمن بها في الحياة لخير الشعب.

فان مقياس اختيار المرشحين من قبل الاحزاب والتيارات يستند كليا على المصالح الحزبية قبل اي شيء اخر،ان المباديء والمقاييس الديموقراطية لم تتجسد بعد ليكون الناخب على علم ودراية في غاية الاختيار وما تضمه القوائم من المرشحين المتنوعين، والاهم ما في الامرعند قوائم الاحزاب هو الاخلاص له والعمل من اجل تقويته وضمان مستقبله، ولذك لن يكون مستوى وعي المرشحين متقاربة لكي يطمئن الناخب وما تتطلبه المرحلة الحساسة وما يفرضه المستقبل الموعود للشعب، ولن يكون في مستوى يمكن ان يطمئن الشعب على ضمان تحقيق اهدافه وامنياته.

و ما اؤكد عليه هنا ان الضمير والواجب والعقلية المنفتحة والثقافة والفكر يفرض على الناخب ان يدقق ويقف طويلا وجديا وجيدا امام اختيار من يمثله في هذا الواجب الخطير وعليه ان لا يكون تحت تاثير اني مؤقت ويجب ان يدلي بصوته وهو مستريح الفكر والبال والضمير، وهذا العمل المهم حق من حقوقه ويمكن ان نسميه الواجب الوطني في هذه المرحلة الحساسة، وبالاخص صوت الناخب الواعي المثقف يساوي العديد ليس في العدد وانما في الاختيار والمضمون، وضمان المستقبل الامن عملية صعبة ومعقدة وتحتاج لعقول النخبة من مختلف الجوانب قبل غيرها.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1277 الاثنين 04/01/2010)

 

 

في المثقف اليوم