أقلام حرة

أموال الدعم الخارجي للقوائم الانتخابية

من بعض دول الخليج الغنية وبعض الدول الأخرى إلى رؤساء قوائم انتخابية معروفة  ورؤساء أحزاب وكيانات وكتل دون غيرها، مشفوعا بشروط يجب على قابل الدعم الموافقة عليها وتطبيقها بالحرف الواحد وهي كلها طبعا معادية لتطلعات العراقيين وتريد للحالة الشاذة أن تستمر ولقتال الأخوة أن يتسع ويكبر. ومع أن أغلب المتصدين للعمل السياسي في العراق اليوم كانوا على علم يقيني بحقيقة هذا العرض سواء منهم من عرضت عليه الدول المعنية دعمها المالي ورفضه، أو من سمع من هؤلاء قصة رفضهم للدعم، أو باعتراف المنشقين عن القوائم المدعومة، إلا أن الجميع أحجموا عن الحديث عن هذه المعضلة الكبيرة التي تريد تدمير العراق ولاسيما أن هنالك أحاديث عن قيام الممولين بتقديم مبالغ خيالية للعصابات الإرهابية للقيام بأعمال تخريبية تتزامن مع سعي الكيانات القابضة لتقويض العملية السياسية برمتها لأن نجاح الجهد السياسي في قيادة بلد مثل العراق يعني الإيذان بنهاية كل الأنظمة الشمولية والوراثية في المنطقة، والتبشير بعصر عربي جديد. وقد كان رئيس الوزراء السيد المالكي  أول وأهم المتحدثين عن هذا الدعم تلاه مجموعة من النواب والمسئولين الآخرين

كما كانت صحف محلية وعربية وأجنبية قد نشرت أخبارا عن هذا الدعم التخريبي، المواقع الالكترونية المؤيدة والمعارضة للعملية الانتخابية نشرت من جانبها بعض الأخبار الصحيحة عن الدعم ومقداره والجهات القابضة والهدف من تقديمه، رؤساء القوائم الانتخابية أنفسهم في حملاتهم ودعاياتهم الانتخابية غير الرسمية يتحدثون أمام أنصارهم عن الدعم  بعضهم يستخدمه لتطمين الأنصار إلى الجانب المالي للحركة والآخر ذريعة للنيل من القوائم القابضة وتأكيد عمالتها وذيليتها والطعن بعراقيتها وجدية مواقفها، والبعض لاتخاذه وسيلة ابتزاز وتهديد كما في قول أحدهم: اقبلوا بشروطي وإلا سآخذ الدعم المالي وأعمل مع الجماعة!

فما حقيقة هذا الدعم الكبير وما درجة مصداقية التدخل الخارجي (عربي/أجنبي) في العملية الانتخابية العراقية المرتقبة؟

 الجواب على هذا السؤال ممكن استنتاجه من خبرين بسيطين، الأول تداولته وسائل الإعلام العراقية بشكل محدود جدا ولم تعطه المساحة الحقيقية التي تتناسب مع حجمه الحقيقي، أو تخضعه للدراسة والتحليل، فمر كهامش إخباري. وطوته الأيام وتناسته الصحافة ووسائل الإعلام فلم تعد تتذكره، ليس لأنه من الأخبار الكاذبة أو الساذجة أو قليلة الأهمية، وهنا يكمن الشك والحيرة التي دفعت البعض لاتهام وسائل الإعلام بعدم الحيادية أو المحاباة أو المتاجرة ومحاولة تسليع الأخبار وتسعيرها وعرضها في الواجهات الزجاجية والتباحث بشأنها مع من يعنيهم الخبر عن السعر الذي سيدفعونه مقابل السكوت!

الخبر الهام جدا الذي تناقلته وسائل الإعلام ثم سكتت عنه فجأة هو حديث النائب عن محافظة صلاح الدين ورئيس تيار الشعب السيد علي الصجري المنسحب من قائمة الحركة الوطنية العراقية وهي القائمة التي تشكلت من كتلة القائمة العراقية برئاسة أياد علاوي  وجبهة الحوار الوطني برئاسة صالح المطلك اللتان اندمجتا تحت اسم الحركة الوطنية العراقية لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة. عن دعم مالي كبير قدم لزعماء هذه القائمة صالح المطلك وأياد علاوي من دولة خليجية وجاء فيه (وحول ما أشار إليه من استلام أياد علاوي وصالح المطك مبالغ مالية تقدر بـ100 مليون دولار من دولة خليجية أوضح الصجري: "أنا على استعداد أن اثبت ما ذكرته وأؤكد ذلك لأني علمت من احد الأخوة في مجلس النواب انه كان حاضرا في إحدى الاجتماعات التي تم الاتفاق فيها على إعطاء أياد علاوي والقيادات في قائمته مبلغ 100 مليون دولار لدعمهم في الانتخابات". وزاد "ثم اخبرني هذا النائب أن أتوقف عن معارضتي في داخل القائمة لأن الإصلاحات التي أطالب بها هي مرفوضة بالمرة من قبل الدولة الخليجية التي مولت مشروع علاوي والمطلك".

ومما قاله في تصريحه لوكالة  كردستان للأنباء (آكانيوز) اليوم الخميس 5/11 (هناك شخصيات دخلت في القائمة التي يتزعمها علاوي والمطلك تحاول فرض سيطرتها على الشخصيات والوطنية وفرض أجندتها الخارجية المرتبطة بدول خليجية إذ تريد أن تجعل من الوضع السياسي في العراق مستقرا".

المطلك من جانبه لم يتهم الصجري بالعمالة للأجنبي  أو بخيانة الوطن لأنه مثلا قبض مبالغ من دول الجوار وإنما فقط بسبب انسحابه من قائمته ولذا قال: "الصجري خائن للأمة والوطن ولا مكان للخونة في تيارنا الوطني الجديد، كون الصجري صعد إلى البرلمان من خلال جبهة الحوار الوطني وانقلب عليها فهو خائن لا وجود له معنا".)

ولم يكن خبر الصجري وحده من تحدث عن الدعم المالي والتدخل المباشر  حيث نقلت وسائل الإعلام خبرا آخر يؤكد حقيقة الدعم المالي والتدخل المباشر في العملية الانتخابية، والخبر عن "أبو علي القيسي" القيادي في حزب البعث المحظور أعلن خلاله من على منبر قناة السومرية العراقية عن مشاركة  (102) بعثي في محافظة الأنبا ر ومئات أخرى من البعثيين في باقي المحافظات بالانتخابات النيابية المقبلة وأعترف خلال حديثه ـ وهذا هو المهم ـ عن تلقيهم دعما بملايين الدولارات من دول الجوار العربي خاصة.

 ولمن يستغرب من موضوع دعم الدول الخليجية لحزب البعث وهي تكن له البغضاء أقول: ارجعوا لأيام الانتفاضة الشعبانية لتروا كيف غيرت الدول الخليجية مواقفها من القيادة البعثية التي كانت تحاربها فقدمت لها الدعم للقضاء على الانتفاضة، ففي هذه الذكرى إشارة صريحة لسبب الدعم الذي تقدمة هذه الدول لقوائم انتخابية معروف تاريخها وتاريخ قياداتها ورجالها.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1285 الثلاثاء 12/01/2010)

 

 

في المثقف اليوم