أقلام حرة

خطاب اوباما - ماذا يعني للعراقيين؟

القى اوباما بخطابه في جامعة القاهرة بحضور 2500 من مختلف الشخصيات وجه الخطاب الى العالم الاسلامي،وخص مشكلة الشرق الاوسط بأكثر وضوحا. تعهد بحماية الديمقراطية في العالم كما اكد فيه موقف امريكا الرافض للتطرف وعدم سعيها ان تكون طرف في حرب ضد الاسلام كدين او المسلمون كشعوب لكنه شدد على موقف بلاده في مواجهة المتطرفين اينما كانوا.

  زيارة الرئيس الولايات المتحدة الامريكية الى الشرق الاوسط  محاولة لتطوير العلاقات الاقتصادية او السياسية وكسب ود شعوب هذه المنطقة الى الجانب الامريكي . تعد زيارة تاريخية لها مدلولات ومضامين كبيرة :

1- تاتي ضمن حاجة الولايات المتحدة الامريكية الى تغيير سياستها من سياسة "الاهمال وعدم الاحترام والانحياز لاسرائيل" التي مارستها لسنين طوال مع الشرق الاوسط الى سياسة دبلوماسية تميل الى السلم وذات مصالح مشتركة ضمن قانون العلاقات الدولية وضمن حق السيادة والاستقلال لجميع الاطراف بما فيها الدول الفقيرة ودول العالم الثالث ومنها دول غير قليلة في المنطقة التي يزورها بامس الحاجة الى المساعدات الانسانية والاقتصادية .

2- يحتاج العالم الإسلامي إلى التعامل مع مبادرة الرئيس الأميركي بإيجابية وانفتاح، أن هذه المبادرة هي إيجابية من جانب الرئيس أوباما، وعلى العالم في منطقة الشرق الأوسط أن تستقبل بانفتاح وأن تستفاد منها شعوب المنطقة، ان سياسة العزلة والانسحاب لابل وضع كل اللائمة على الغرب  التي تمارسها الان شعوب هذه المنطقة  لن تؤدي إلى نتيجة. يجب أن يكون هناك حوار وتفعيل متبادل بين الطرفين وهنا اقصد الشرق والغرب وفق مبدا القانون واحترام الرأي الاخر، وأكيد أن هذا الخطاب من شأنه أن يفتح أفقا جديدة بين العالمين الإسلامي والغربي، وينبغي التعامل مع الآخرين بعقلانية ودبلوماسية. من كلا الطرفين.

3- لم يشر الرئيس الامريكي عن الانظمة العربية والمنطقة بشكل عام القامعة لحرية مواطني شعوبها هذا اغضب الكثير من الشعوب التي تعاني الظلم والاستبداد على يد حكامها.ربما الرئيس الامريكي لايريد الان فتح ثغرة بين حكومات المنطقة وحكومة بلاده وهو الان سائر بخطوات السلام في الشرق الاوسط وحل المعظلة الكبيرة القضية الفلسطينية الاسرائيلية .   

 

ما ورد في خطاب الرئيس الامريكي باراك اوباما في القاهرة شيئ مشجع وايجابي، تطرق فيه الى الكثير مما كان محل التفكير والتحليل لشعوب المنطقة وحكوماتها .اكد على العديد من الثوابت التي كان قد طرحها من قبل واعاد طرحها ثانية بأكثر شفافية واكثر تفصيلا الان .

 خطاب اوباما يشكل اساسا جيدا للبدء بعملية السلام والحوار في المنطقة، وإذا كانت هناك استجابة من الاطراف الاخرى لهذا التوجه والسياسة الجديدة للادارة الامريكية والاطراف المتخاصمة في المنطقة  فاننا سنشهد انفراجا في الكثير من الملفات في الساحة الدولية السياسية والاقتصادية. 

على دول المنطقة ان تأخذ هذا الخطاب بالدراسة والتحليل من قبل قادة وكل المفكرين في العالم الشرق اوسطي والاسلامي . نسمع نبرة جديدة من الولايات المتحدة تعكس رغبة للتبدل والتغيير في السياسة الامريكية الخارجية تجاه الشرق الاوسط واتمنى ان تجد صداها الطيب في القريب العاجل .

اما عن حرب العراق اعترف بان الحرب في العراق لم تكن ضرورية وحاجة ملحة كما ذكر بان حرب العراق كانت سببا في الكثير من حالات الشقاق سواء في امريكا او خارجها   . انا كعراقية التي عانيت ومثلي الملايين من الشعب العراقي من نظام المقبور الديكتاتوري اقول انها ضرورية لكن ادوات الحرب وطريقة التعامل مع العراق حكومة وشعبا من قبل قوات التحالف كانت مليئة بالاخطاء والممارسات غير المشروعة .

ورغم اعتراف اوباما بان حرب العراق سببت الكثير من المشاكل واختلاف وجهات النظر  الا انه قال ان الحرب كانت السبب في خلاص العراق من "دكتاتورية صدام حسين."   العراق الان يتنفس الصعداء مقابل ضحايا كثيرة ذهبت على يد النظام الديكتاتوري الصدامي وبعد حرب نيسان 2003 على يد الارهابين او على يد قوات التحالف ولا زلنا ندافع عن ارض وطننا مابين النهرين من فلول ايتام النظام السابق التي اندمجت مع القوى المتطرفة الدينية التي لازالت تأتينا من دول جوار العراق  .

 

 ما تحدث فيه عن العراق ليس جديدا واكد فيه عن مواقفه السابقة والتزام بلاده بالاتفاقية الامنية الموقعة بين البلدين وان انسحاب القوات يتم بشكل مسؤول ووفق ما اتفق عليه وهو مايستجيب لتطلعات العراقيين. العراق هو للعراقيين وان مستقبله ومعالجة اوضاعه تحددها زعاماته السياسية، وستبقى الولايات المتحدة الى جانبه وحليفا له مع التاكيد على جانب الاعمار وهذه كلها مواقف سليمة لنا العراقيين.  اعلن اوباما ان امريكا ليس لها اي نية بالبقاء في العراق او بناء قواعد فيه كما وعد بالوقوف الى جانب العراق في تدريب قواته الامنية وبناء اقتصاده المحطم هذا جاء وفق طموحات العراقيين شعبا وحكومة.

 

  ورد في الخطاب كون الولايات المتحدة شريكا للعراق وليس راعيا له، هذا هو ما نريده، فقد تجاوزنا الآن خاصة بعد توقيع اتفاقيتي سحب القوات والاطارالاستراتيجي، مسالة الاب الافضل على العراق واصبحنا شركاء متساوين . علينا العراقين  ان نبني علاقتنا مع واشنطن على اساس المصالح والمنافع المشتركة ووفق مبدأ الدولتين الصديقتين الحليفتين، ولدينا العديد من التصورات المشتركة في العديد من القضايا، نحن شركاء مع واشنطن لبناء وطننا، فعلاقتنا تتم على مبدأ دولتين ذات سيادة وعلى اسس التكافؤ المشترك.

ووعد اوباما في خطابه بان امريكا ستتعامل مع العراق كشريك وليس كتابع. ورغم كل هذه الوعود وتاكيده على انتهاج سياسة مختلفة عن سياسة الادارة السابقة، الا ان وعوده لم تكن كافية لازالة عوامل الشك لدى عامة العراقيين بان الادارة الامريكية جادة في تطبيقها.  يعاني الشعب العراقي من ازمة الثقة بسياسة اميريكا في الشرق الاوسط وبشكل خاص في العراق. سبق ووعد الشعب العراقي من قبل قادة امريكان عن تحرير العراق لكن النتيجة جاءت غير ذلك . مارست قوات التحالف اخطاء كبيرة وكثيرة بحق الشعب العراقي يجب الاعتراف بها لارجاع الثقة الى الشعب العراقي .

يطلب العراقيون من الرئيسي الامريكي ان يفي الرئيس بوعوده  للحفاظ على سيادة العراق كاملة والنظر الى التعاون الاقتصادي والسياسي والعسكري وفق المعاهدة الستراتيجية المبرمة بين البلدين .

حزيران 2009

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1070  السبت 06/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم