أقلام حرة

أحداث برطلة وحكاية أم عباس

وأم عباس أرملة كانت تعيل خمس من أولادها وجميعهم عاطلين عن العمل ويعيشون حالة تخفي عن أنظار السلطة وأعضاء أجهزتها القمعية لا لكونهم أصحاب مواقف سياسية معادية للنظام السابق بل لكونهم هاربين من أداء الخدمة الإلزامية في ذلك الوقت 

 

وبسبب حالتها المعايشة المزرية جدا تعاطف معها أهل الزقاق عندما كانت تحاول المستحيل في سبيل توفير الطعام والسكائر وأسمال من البالات لأبنائها الهاربين المتخفين

 

كانت أم عباس تدور على منازل الزقاق منزلا بعد منزل عدة مرات في اليوم الواحد لتحصل على ما تبقى فيها من طعام فائض عن الحاجة وأيضا لكونها لا تملك ثلاجة في بيتها كانت تستجدي الثلج لتستمتع مثل بقية خلق الله هي وأولادها بالماء البارد صيفا، هذا فضلا عن إن جميع أهالي الزقاق ألزموا أنفسهم بدفع زكاة الفطرة في كل عيد لجارتهم المستحقة أم عباس

 

وتواصلت حياتها على هذا النحو حتى الإطاحة بالنظام السابق حينها غادر أولادها  حالة التخفي واختاروا الانضمام إلى إحدى الجماعات المسلحة وبذلك طرأ تحول ايجابي هام على  حياة أم عباس الاقتصادية وأصبحت تتنمر بشكل غريب على أهل الزقاق الذين أكرموها وأحسنوا إليها أيام عوزها وتزداد تنمرا كلما ازدادت جماعة أبنائها المسلحة نفوذا في الشارع والدولة وخصوصا بعد أن تزوج جميع أولادها الخمسة في العام الأول للإطاحة وأصبح لها الكثير من الأحفاد

 

وفي احد المواقف اشتكت سيدة من أهل الزقاق إلى أم عباس من احد أحفادها وكان قد سلب بالونة (نفاخة) من ولدها فردت عليها أم عباس بعصبية (ترى والله إذا ما تسكتون اخلي عبيس ايفلش بيوتكم بالقاذفة)

 

وللحق يجب علينا القول إن الشبك تعرضوا للإقصاء والتهميش فترة طويلة جدا، وذلك لكونهم أقلية في العراق والعالم ولم يمنحوا فرصة على مر التاريخ تمكنهم من إثبات هويتهم القومية وممارسة معتقداتهم الدينية كما هو الحال اليوم حيث يتمتعون بحق ممارسة معتقداتهم بشكل تام ويعبرون عن تطلعاتهم نحو مستقبل أفضل لأبنائهم ، وهذا طبعا ليس بسبب ديمقراطية العراق الجديد وإنما لكونهم  ينتمون إلى طائفة حاكم العراق الجديد

 

وبسبب ما تعرضوا له قديما من أذى على يد الطبقات المتنفذة التي كانت تنتمي إلى طائفة الحاكم القديم ، حصلوا على تعاطف وتضامن واسع من قبل الأقليات الأخرى التي تعايشت معهم في نفس القرى والقصبات ومنهم المسيحيين بشكل خاص ، لكن البعض من أبناء الشبك الشباب ما إن عرفوا حقيقة كونهم ينتمون اليوم إلى طائفة الحاكم الجديد حتى تنمروا وازدادوا تنمرا كما فعلت جارتنا أم عباس حين استغنت عن حاجتها إلى تعاطف الناس معها

 

وقام البعض منهم بمنع المسيحيين في ناحية برطلة من أداء ممارساتهم الدينية والاحتفال بمناسبة عيد الميلاد المجيد للسيد المسيح علية السلام وأزالوا معالم الزينة من واجهات الكنائس بالقوة متناسين القيمة الكبيرة التي خص بها الله في القرآن الكريم سيدنا المسيح وأمه العذراء عليهما السلام

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1292 الاربعاء 20/01/2010)

 

 

في المثقف اليوم