أقلام حرة

أيهما أكثر أهمية قانون موازنة الدولة أم قانون حماية النواب؟

عملية عرقلة كانت تتمثل بهروب أعضاء المجلس من قاعة الاجتماع لكي لا يكتمل نصاب التصويت ولذا لا زال موضوع الموازنة يراوح في مكانه غير المريح بما قد يحصره في زاوية ضيقة جدا ويحكمه بالتالي ظرف الوقت فيخرج إلى النور وليدا خديجا غير مكتمل النمو ولا يملك قدرة البقاء أو الاستمرار بما يسمح للعابثين والمفسدين الإداريين بنهب خيرات البلاد.

وللمرة الثانية في تاريخ هذه الدورة يلتئم المجلس بحضور كامل الأعضاء لأن الجلسة كانت مخصصة بالأساس لإقرار أمر شخصي له علاقة بالأعضاء أنفسهم وليس بالشعب أو الوطن، كانت أولاها اجتماعهم لإقرار قانون مخصصاتهم المليونية التي يرى المواطن أنهم يتقاضونها دون وجه حق، والثانية كانت هذا اليوم المصادف 20/1/2010 لإقرار قانون حمايتهم الجديد الذي سيخصص بموجبه 7200 عنصر أمن لحماية الأعضاء الـ 270 بمعدل 25 حارسا لكل عضو وطبعا تدفع رواتب الحراس من نفس الخزينة التي لا زال الأعضاء مصرون على عدم الاجتماع سوية للتصويت عليها لأن أمرها لا يعنيهم ولا يخصهم ولا يؤثر على مكاسبهم ومصالحهم الشخصية بما يمثل إضافة ثقل جديد على كاهل الخزينة ذاتها لا يقل عن أربعة مليارات دينار يمثل الرواتب الشهرية التي سيتقاضاها هؤلاء الحراس النشامى.

إن عملهم هذا هو المسمار الأخير الذي يدقونه بأنفسهم في نعشهم الذي سيفارق قاعة البرلمان بدون عودة بالتأكيد

لأن إصرارهم  على إقرار القانون في هذا الوقت بالذات يعني أنهم يعرفون أن الشعب سيلفضهم ويرفضهم ولا يذكر أسمائهم في الانتخابات القادمة ولذا سارعوا لإقرار القانون ليوفروا لأنفسهم الحماية التي يحتاجونها بشدة  بعد أن يفقدوا مراكزهم التي كانت توفر الحماية لهم بموجب القانون ولأنهم يشعرون أنهم سيمنعون مستقبلا حتى من مجرد دخول المنطقة الخضراء

إن تهافت السادة الأعضاء بهذا الشكل المزري لحضور جلسة إقرار قانون حمايتهم وتفانيهم في عرقلة تمرير قانون الموازنة فيه الكثير من الدلالات ويمكن من خلال استقرائه بتعقل وعناية معرفة الخلاصة الكاملة لتداعيات مرحلة الدورة الأولى التي كان أمدها أربع سنوات طويلة من دورات المجلس العتيد ذي الرأي السديد والرأس العنيد المغرق بتفاهات أكل الثريد وتوقيع البريد والركض خلف المال ويزيد  والمدائح والتمجيد في البلد السعيد.

كما يعتبر هذا التصرف غير المحمود جرس إنذار لكل العراقيين الشرفاء الذين سيدلون بأصواتهم في شهر آذار القادم ينبههم لأهمية صوتهم الذهبي الذي يجب أن لا يفرطون به ويمنحونه لكل من هب ودب لمجرد أنه يناغم أحلامهم الكاذبة أو توجهاتهم الفئوية الضيقة وهو الأمر الذي أثبت فشله الذريع خلال السنوات الأربع الماضية وأوصل البلد إلى هذا المنحدر الخطير،

وينبههم إلى ضرورة مشاركتهم الفاعلة في الانتخابات القادمة بضراوة وإصرار كبيرين لكي يثبتوا للعالم كله أنهم أبناء بررة لأولئك الأفذاذ الذين بنوا حضارتنا وقادوا العالم في أحلك الظروف

ويؤكد أن كل المعرقلات التي حدثت خلال السنوات الأربع الماضية وكل التخريب الذي أصاب البلد إنما يتحمل وزره الأكبر النواب أنفسهم لأنهم بأعمالهم التافهة وتصرفاتهم الساذجة وجهلهم السياسي مهدوا الطريق للمخربين والإرهابيين لينفذوا برنامجهم التخريبي بحق العراقيين

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1293 الخميس 21/01/2010)

 

 

في المثقف اليوم