أقلام حرة

مطهري: العالم العامل وفلسفة العمل (3)

ميثم الجنابيالأيديولوجية السياسية وفلسفة الأمل: إن الصفة الباطنية والظاهرية لفكر مطهري ومواقفه تتسم بما يمكن دعوته بروح الأمل والمستقبل، أي بالتفاؤل الواقعي والمبني في الوقت نفسه على اساس فكرة التوحيد والعقائد الشيعية. ففي موقفه على سبيل المثال من قضية العلاقة الواقعية والممكنة والواجبة بين الإسلام والقومية، نراه يشدد على ما اسماه بخطورة فكرة القومية بالنسبة للشعوب الإسلامية، انطلاقا من أنها قد تجاوزت هذه المرحلة والصيغة في الاجتماع بأثر الإسلام. من هنا نقده للفكرة القائلة، بان الإسلام يؤيد القومية ولكن بالضد من طابعها العنصري. إذ اعتبرها فكرة خاطئة، وذلك لأنها تتعارض مع حقيقة الفطرة الإلهية للإنسان. فالإنسان من حيث كونه كيانا فطريا (من حيث الأصل) لا علاقة له بالقومية. وبالتالي، فإن القومية كيان مصطنع وإضافي وليس جوهري بالنسبة لحقيقة الإنسان. وبما أن الإسلام هو دين الكمال والتكامل، كما يقول مطهري، من هنا ضرورة السير نحو المجتمع الموحد والثقافة الموحدة بالشكل الذي يتجاوب مع حقيقة الفطرة الإنسانية. ووضع هذه الفكرة في نقد مختلف المذاهب والفلسفات، بدأ من الفكرة القومية المتطرفة وانتهاء بالماركسية. غير أن نقده، وبالأخص ما كان موجها ضد الماركسية وفهمها المادي للتاريخ، اتسم في اغلبه بطابع فلسفي وليس أيديولوجي وسياسي. بمعنى انه لم يكن يرمي إلى تهديم الفكرة اليسارية أو الوقوف بالضد منها، بقدر ما انه كان يسعى لتأسيس البديل الإسلامي الايجابي. بعبارة أخرى، لقد كان هذا النقد المتنوع لمذاهب المرحلة وبالأخص في النصف الثاني للقرن العشرين، مرحلة الصعود الثوري واليسار الرومانسي، يهدف إلى إبراز الخلل الثقافي والذاتي لليسار التقليدي في العالم الإسلامي آنذاك، ومن ثم لا معنى لجعل الإسلام ثوريا على الطريقة الماركسية لكي يكون ثوريا. وعوضا عنها سعى للبرهنة على أن فلسفة الإصلاح الإسلامي ينبغي أن تبنى على مبدأ أولوية العمل المصلح والانتهاء بالبديل الإيجابي. وهذا بدوره ينبغي تأسيسه على المبدأ الجوهري في الإسلام: العدالة والمساواة. أما الصيغة العملية لبلوغ ذلك فينبغي أن تجري من خلال ثلاث مراحل وهي: التوعية والتذكير بالمعاد، والتعاليم الإنسانية المتعلقة بكرامة الإنسان، وأخيرا الدفاع عن حقوق الإنسان وواجباته. ووضع هذه المبادئ النظرية والعملية في اساس موقفه من علاقة الدين بالدولة والنظام السياسي والثورة الإسلامية.

واعتبر مطهري إن ما هو مشترك فيما تحتاجه فكرة الدولة الإسلامية، والنظام السياسي الاسلامي، والثورة الإسلامية، إلى جانب العدالة الاجتماعية، هو مثالها الروحي والمعنوي النبوي والإمامي. فقد ترك المثال النبوي والإمامي بصماته العميقة في العقائد السياسية الشيعية. بحيث تحولت فكرة المهدي (الإمام المنتظر) إلى حجر الزاوية في الفلسفة السياسية والروحية والأخلاقية الشيعية. فمن الناحية المجردة والعامة تجمع الفرق الإسلامية على فكرة المهدي بالشكل الذي يتطابق مع فكرة انتصار الحق على الباطل. إلا أن ما يميز تاريخها وتراثها الشيعي هو تغلغلها في كل مسام الرؤية الفلسفية واللاهوتية والدينية والشعائر. وقد طوع مطهري هذه التقاليد المتنوعة والعميقة في الفكر الشيعي بالشكل الذي جعلها تستجيب لما يمكن دعوته بفكرة الأمل السياسي والتفاؤل التاريخي بالمستقبل. فهو ينطلق بهذا الصدد من أن الإسلام منذ البداية حتى النهاية يقر بفكرة التفاؤل بالنسبة للمستقبل. اذ شدد القرآن على أن العاقبة للصالحين والمتقين والمؤمنين. وبالتالي، فان فكرة الإمام المنتظر ينبغي فهمها ضمن سياق فهم معنى انتظار الفرج. وانتظار الفرج نوعان فيما يتعلق بالنظر إلى المستقبل، الأول مثمر بنّاء يبعث على الحركة، وبالتالي فهو عبادة وطلب طريق الحق. أما الثاني فهو هدّام يؤدي إلى العبودية.

وتوسع في شرح هذه الفكرة من خلال التأويل الفلسفي القائل، بان القوانين العامة تخضع للطبيعة، أما الصدفة فهي نسبية وعابرة مع أن لها أسبابها. وبالتالي، فإن الفهم السليم للتاريخ يستند إلى إدراك شخصية  المجتمع واستقلاليته، أي كيانه الذاتي والعام. وبدون ذلك لا يمكن وجود فلسفة للتاريخ. من هنا توصل إلى استنتاج يقول، بأن انتظار الفرج هي فكرة إسلامية قرآنية ولها طابع فلسفي أيضا. فالنظرة القرآنية تقر بوجود قوانين عامة  ثابتة في التاريخ وحياة الأمم كما تقر بالإرادة والحريّة. والتفسير القرآني للتاريخ يقوم على أن التاريخ هو صراع بين الحق والباطل، وان انتصار أو فشل الحق أو الباطل مرتبط بمقومات اجتماعية واقتصادية وأخلاقية. من هنا تكلم القرآن الدائم عن صراع المستكبرين والمستضعفين، لكنه ينظر إلى صراعهما على انه صراع معنوي لا مادي، أي أن ما يحدده وما هو جوهري فيه فكرة الحق والباطل وليس المصالح المادية المباشرة. من هنا تصبح قضية المهدي والمجتمع المثالي، قضية اجتماعية وفلسفية كبرى.

إن المهدي هو "الانتظار الكبير"، أي المستقبل المتفاءل. ومن ثم فهو انتظار عملي، أي صيرورة متراكمة في الصراع من اجل الحق. فهناك من يقول بان الشر يلازم وجود الطبيعة البشرية، وآخر يقول بان البشرية تقود نفسها نحو الهلاك. وفي كل منهما قدر من الواقعية ولكن الفكرة الثالثة (الإسلامية) تقول، بان البشرية تتوجه صوب مستقبل مشرق وسعيد يقضي على الظلم. وان هذه الفكرة الثالثة هي فكرة الدين الاسلامي وبها ترتبط "نهضة المهدي".

إن "نهضة المهدي" هي الصيغة العامة للأفكار المنادية بانتصار الحق والعدالة والقضاء على الجور، وضرورة الدولة العالمية الحكيمة، والقضاء على مصادر الشر، ووحدة الكل الإنساني، واستغلال الطبيعة على أفضل وجه، وبلوغ النضج الكامل للبشرية وتذليل الغرائز، وإزالة شبح الحروب وإحلال السلام، والمواءمة بين الإنسان والطبيعة. من هنا ضرورة التفريق بين "الانتظار المخرّب" و"الانتظار البنّاء". فالأول هو ذاك الذي يعتقد بأن ازدياد السوء والخراب أفضل لأنه مقدمة الظهور الحي للمهدي. وبالتالي فإنه يقف ضد الإصلاح. أما الثاني فهو الذي ينظر إلى ظهور المهدي على انه حلقة من حلقات الصراع لإحقاق الحق، ومن ثم فهو استمرار وتتويج لتاريخ الصراع بين الحق والباطل. وبالتالي فان له مقدمات في التاريخ الواقعي. وقد وضع مطهري هذه الحصيلة في عبارة تقول:"المهدي المنتظر تجسيد لأهداف الأنبياء والصالحين والمجاهدين على طريق الحق".

 إننا نعثر في التحليل الفلسفي واللاهوتي لفكرة المهدي عند مطهري على صيغة يمكن مطابقتها مع الحكم القائل، بأن فكرة المهدي متأتية من الهداية صوب فكرة الأمل الأبدي. إذ نعثر فيها على فكرة الإصلاح الدائم وفكرة الثورة. ولم يكن ذلك معزولا عن الحالة الأيديولوجية والفكرية لستينيات وسبعينيات القرن العشرين، أي المد الهائل لفكرة اليسار والثورة على النطاق العالمي. بمعنى مشاركته في إحياء ودمج التراث اللاهوتي والفلسفي الشيعي بكل ما له صلة بفكرة المهدي بالشكل الذي جعلها عصرية وحيوية من حيث التأسيس الفلسفي والتطويع العملي السياسي. فقد سلك سلوك الحجج العقلية والنقد الفلسفي وليس السياسي والأيديولوجي. وحاول الانتقال بالفكرة من الجسد إلى الروح، ومن الغيبة اللاهوتية إلى الحضرة السياسية. وفيها نعثر على احد نماذج الصعود الجديد للفكرة الإسلامية في إيران والتشيع بشكل عام. بمعنى إننا نرى فيها حالة من حالات الانتقال من ثقافة وتقاليد الحوزات الدينية المغلقة (والاستثناءات نادرة) إلى إشكاليات العصر والحياة الواقعية. وأعطى لفكرته هذا مذاقها الخاص بالارتباط مع تقاليد الأئمة الشيعية الاثني عشرية. فقد وجد في تعددهم (اثنا عشر إماما) شكلا من أشكال التعددية والتنوع في التاريخ والمناهج العملية. إذ لكل منهم خصوصية مرتبطة بأثر تباين الزمن والأحوال. وبالتالي، فإن الفكرة التي تحاول أن تجعل من التقية (الباطنية والسرّية) عنصرا جوهريا في التشيع لا تستقيم مع التاريخ الفعلي والحقيقة. لهذا نراه يعتبر أن التقية ليست من صلب التشيع ولا يتماهى معها. وبالتالي، فإن قضية "المهدي المنتظر" فيما لو جرى إزالة الحشو اللاهوتي أو اليقين العقائدي منها، فإنها تتخذ في فكر مطهري وتفسيره صيغة المرحلة الثالثة في التطور الإنساني، حسب تصنيفه وتقسيمه لها، أي مرحلة الكمال التي يتناغم فيها العقل والدين بعد تجاوزه لمرحلة الخرافات والأساطير، أي مرحلة الجاهلية ومرحلة العلم الممزوج بالشباب (القوة والشهوة).

وقد تطورت هذه الأفكار عنده وبالأخص بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران. حيث تبلورت بوضوح أفكاره عن النظام السياسي الإسلامي، وولاية الفقيه وفكرة الديمقراطية. وقد حل كافة هذه القضايا بمعايير الرؤية الإسلامية.

ففيما يخص الديمقراطية توصل إلى أنها لا تتعارض مع فكرة الجمهورية الإسلامية. وذلك لان فكرة الجمهورية الإسلامية لا تتعارض مع حق السيادة للشعب، بمعنى أنها لا تتعارض مع المبدأ الأساسي للفكرة الديمقراطية. كما أن الالتزام بعقيدة كبرى بالنسبة للدولة لا تتعارض مع الديمقراطية. ووضع هاتين الفكرتين في أساس موقفه من الديمقراطية بشكل عام ونمطها الخاص في إيران ما بعد الثورة الإسلامية.

وانطلق في تأسيسه النظري للفكرة المذكورة أعلاه من أن فكرة الجمهورية الإسلامية قائمة بذاتها، اي أنها تحتوي على مبادئ الحكم وإدارة الدولة. أما النظام السياسي فهو ليس نتاج المنطق التجريبي بل هو الصيغة المثلى للطريقة المثلى في التعامل مع وجود الدولة والمجتمع، اي بما يتطابق مع مبادئ وحقائق الدين الإسلامي. بحيث نراه يحسم هذا الأمر منذ بدء الانتصار التاريخي للثورة الإسلامية في إيران عندما رفض الخميني إضافة كلمة الديمقراطية إلى جانب عبارة الجمهورية الإسلامية. فقد اعتبر عبارة "الجمهورية الإسلامية" كافية بذاتها لذاتها. وكل ما عداها هي زوائد وحشو لا قيمة له. والسبب يكمن في أن الإسلام هو اكبر وأوسع من أن يجري حصره بمصطلح يشير إلى إرادة الشعب. إن الإسلام هو إرادة الأمة والشريعة الإلهية، أي تلك التي تحتوي على رؤية تتناسب فيها مبادئ الثبات والتغير، أو الفكرة والتاريخ، أو الأصول الكبرى والتجريب العملي لتحقيقها. 

فالتصور الذي يجعل من الديمقراطية رديفا لفكرة إرادة المجتمع وسيادته، كما يقول مطهري، هو تصور القرن الثامن عشر المرتبط بمتطلبات الحياة المعيشية آنذاك. بينما تؤسس الفكرة الإسلامية لمفهوم أوسع عن الديمقراطية، بحيث يدخل فيها الانتماء الفكري والتكامل الإنساني. وبالتالي فان فكرة الديمقراطية بالمعنى الاسلامي هي أوسع مما هو متعارف عليه في التصورات السياسية الغربية. إضافة لذلك أن الدعوة للجمهورية الإسلامية كان مطلبا شعبيا. أما الدعوات التي تقترن عندها فكرة الديمقراطية بالصراع ضد الإسلام فهي دعوات جاهلة ومعارضة للروح الحضاري والتاريخي لإيران. فالديمقراطية أو إرادة وسيادة الأمة بالنسبة للإسلام تحتوي بالضرورة على مبدأ الانتماء الفكري. وهو اصل لا يمكن فصله عن الروح الحضاري والتاريخي لإيران، وهذا بدوره لا يمكن فصله عن الإسلام.

أما فكرة ولاية الفقيه فهي تعادل فكرة ولاية الفقيه العامل. ومن الناحية الشكلية هي اقرب ما تكون إلى فكرة الفيلسوف الحاكم أو المستبد المستنير، لكنها تختلف من حيث مضمونها ووظيفتها. وذلك لأن ولاية الفقيه لا تعني تحكم فَقِيه فرد في الدولة. وذلك لأن حقيقة ولاية الفقيه هي أولا وقبل كل شيء فكرة أيديولوجية، بينما الفقيه منتخب من قبل الشعب. بمعنى أنها جزء من تراث وتجارب الانتماء الفكري لعالم الإسلام، وتتطور بإرادة الشعب نفسه. وهذا بدوره جزء من الحقيقة القائلة، بانعدام التعارض بين حقيقة الإسلام ومبدأ التغير والتبدل والتطور. وذلك لأن مضمون الفكرة الإسلامية هو التكامل الإنساني. وهذه عملية دائبة. فالإنسان غير ثابت، لكن مداره ثابت، كما أن هناك قيم لن تتغير، كما يقول مطهري. أما التجربة الإسلامية فينبغي أن تكون إسلامية، في حين أن تجارب الغرب الديمقراطية والاشتراكية والنزعة الإنسانية هي تجاربه الخاصة، رغم اختلافها الشديد من الناحية العملية عما تعلنه في الدعاية.

لقد قام الغرب بثوراته الخاصة. وللعالم الإسلامي ثوراته الخاصة. وما يميز الثورة الإسلامية عن غيرها بالنسبة لمطهري هو أن ماهيتها تقوم في استجابتها للفطرة الإنسانية ونزعة التكامل الإنساني. أنها رجوع إلى الأصول، ومن ثم تخطي تجارب الشرق والغرب الليبرالية والاشتراكية. أنها ترتبط بأصالة قيادتها وإخلاصها في إرساء أركانها الثلاثة الكبرى وهي: العدالة الاجتماعية، الحرية والاستقلال، والمعنوية الإسلامية. والأخيرة هي أساس التكامل، بوصفه محرك وغاية الرؤية الإسلامية عن وجود الإنسان نفسه. 

البديل الحضاري الإسلامي المعاصر

لا تخرج فكرة البديل الحضاري الإسلامي المعاصر عند مطهري عن المنهج العام لتفكيره وفلسفته الإصلاحية. فالمقدمة النقدية العامة للحالة الحضارية في العالم الإسلامي تقوم حسب عبارته في أن "الإسلام حي، بينما المسلمون أموات". وان "العالم الاسلامي متخلف وممسوخ" تماما كما أن "الأفكار والمفاهيم والقيم الإسلامية ممسوخة في أدمغة المسلمين". الأمر الذي حدد أولية البديل الفكري والمنهجي في التعامل مع إشكاليات الثقافة والعلوم. من هنا تحديده لماهية الإسلام باعتباره دين العلم والمعرفة وليس دين القوة. فالإسلام من وجهة نظره ليس دين القوة، مع أن القوة ضرورية. ومع أن القوة هي من صفات الكمال لكنها ليست صفة جوهرية أو مكونا ملازما لحقيقة الإسلام. من هنا فكرته عن ضرورة ألا يكون البديل الاسلامي بالقوة. لهذا نراه يحدد حتى موقفه من العلوم بطريقة "ثقافية" عندما توصل إلى "أن كل علم مفيد هو علم ديني". ولهذا اعتبر تقسيم العلوم إلى دينية وغير دينية تقسيما ليس دقيقا.

وعندما نقل هذا الموقف الخاص من الثقافة والعلوم إلى مجال الموقف من الحضارة، فإنه حاول تأسيس وتوسيع موقفه النظري من خلال تحليل ونقد "فلسفات التاريخ" السائدة آنذاك من اجل تحديد الفكرة الإسلامية البديلة بهذا الصدد. فهو ينطلق من أن كل النظريات الواسعة الانتشار عن التاريخ وفلسفة التاريخ تعاني من نقاط ضعف جوهرية. وكان يقصد بذلك النظريات التي تعتمد في تفسيرها للتاريخ ومساره ومستقبله على عوامل البطولة، أو الجغرافيا، أو العنصرية أو الاقتصادية أو الإلهية.

وعوضا عنها حاول رسم معالم البديل الحضاري الإسلامي، الذي اختصره بجملة مبادئ أولية وهي: إن المستقبل هو تحقيق للفطرة الإنسانية، وأن المستقبل يفترض كمال الإنسان والمجتمعات وتكاملها الفعلي، وأن هذا الكمال هو انتصار وتحقيق للإسلام الحق، ومن ثم صنع الكيان العالمي الموحد. وهذا بمجمعه يمثل مضمون الفكرة التي وضعها وبلورها الإسلام والمستمدة من عقيدة التوحيد.

غير أن الدراما الحياتية لمطهري وانقطاعها بأثر اغتياله قد حالت دون التوسع والتأسيس النظري لفكرة البديل الحضاري الإسلامي. لكننا نعثر في ما كتبه وسعى لتأسيسه بهذا الصدد على معالم الفلسفة العملية التي ينبغي استكمالها بالفعل. فالنظام السياسي الذي ساهم في بنائه في إيران ما بعد الثورة الإسلامية يتضمن، كما يقال، المحك الفعلي للبرهنة على مشاريع البدائل النظرية بما في ذلك في مجال الثقافة والحضارة. وشأن كل مشروع مستقبلي لا يجيب عليه إلا المستقبل. (انتهى).

***

ا. د. ميثم الجنابي

 

 

في المثقف اليوم