أقلام حرة

علاجنا قديم.. لا يحتاج إلى توعية

اغلقت عقول البشرية حول محور الخوف، والغموض، وفكرة الموت المنتظر، والمستقبل المجهول، وأنا ارتبط بفكرة الأخير (المستقبل المجهول)، لكن هذا لايعني توقف الحياة البشرية، والرضوخ إلى مصير محتم، وكأننا أمام حياة بدائية لاتدرك ماهي الحلول المناسبة.

إلا أن أنغلاق افكارنا بمحور (التاريخ لايولد إلا الخراب) هو السبب الأول في هذا الهلع المعاش حالياً  في الكرة الأرضية ككل، لنجد ذاتنا بإزاء محنة موحدة لأول مرة، بل أن هذه المحن لا تجتمع إلا في الوباء .

السؤال الذي يطرح نفسه  الأن نحن في 2020، ونقف في عجز وحيرة من الوباء المتنفشي، ماذا لو كنا نعيش قبل 1400 سنة او اكثر من الأن؟ ماهو السبيل؟ وكيف الحل؟

اقول: إنَّ مشاكل عالمنا العربي تعود في أغلبها إلى هيمنة التاريخ كسلطة حاضرة ومؤثرة في العقل والسلوك على الشارع، ومجال التعليم، و المؤسسات الرسمية... الخ، فإنَّ التاريخ ليس مجرد حشو من الأحداث، وإنَّ بدا ظاهرياً كذلك، فعلى العين الفاحصة أنَّ تستكشف الباطن والمضمر.

فالتاريخ الذي نعيشه الان هو حشد من الأخبار والوقائع و الشخصيات، تم تناولها بطرائق مختلفة في إطار أيديولوجي وعقائدي، وحقيقة هذا التاريخ تأتي من القناعة و الإيمان بشكل ذلك التأريخ وقداسته من تلك القناعات التي لا يمكن المساس بها، ولا بد من التمييز بين الظاهري في الواقع مَنْ الباطني الجوهري، فالممارسة التاريخية عندما توظف تحت المجال الإخباري تتحول إلى مادة سردية  تحمل من الضعف والخلل الشيء الكثير، أيّ أنَّها تعرض الأحداث على وفق تسلسلها الزمني، بعيداً عن التفسير الحقيقي لها، أو أنَّها تفسر الأحداث بطريقة أخرى، ومن ثم  تبقى الأحداث تسير في مجال دوراني، وعليه لا تنتج معرفة حقيقية، وإنَّما جملة من التساؤلات والحروب .

وإنَّ التاريخ ليس عبرة من عبر الماضي، بل هناك إساءة في فهمه، ولكن قيمته لا تكمن في الماضي بقدر امتداده إلى الحاضر والمستقبل، فإنَّه حالة مستمرة، ومن هنا فإنَّ الكثيرين يدعون إلى الإفادة مَنْ دروس التاريخ لأغراض الحاضر والمستقبل، بل أستطيع القول إنَّ كثيراً مما يمكن أنَّ يقع غداً، إنَّما هو بسبب صلته بالماضي واستيعاب دروسه، وقد أثبت التاريخ أنَّ كل مَنْ لم يستفد من الماضي سيكون ضحية سهلة لتقلبات الحاضر، ولن يكون له شأن في المستقبل.

هذا هو التاريخ، فالتاريخ ليس جانب سلبي كامل كما هو مفهوم، (أنما هو دروس وعبر)؛ ؛لأن التاريخ وثق اهم Covid-19 لمستقبل معاش ويعاش، وهذا ما استفدناه في محنة(        نصيحة دوائيةوعلاجية، ووقائية  لنبي الأمة الرسول الكريم محمد(صلى الله عليه وسلم) عندما قال: " إذا سمعت عن تفشي الطاعون في الأرض، فلا تدخلها، ولكن إذا تفشى الطاعون في مكان أثناء وجودك فيه، فلا تترك ذلك المكان"، وقال ايضاً:" يجب ابعاد المصابين بالأمراض المعدية عن الأصحاء".

ومما شجع عليه نبي الأمة هو شدة الالتزام بممارسة النظافة، التي من شأنها أن تبقي الناس في مأمن من العدوى، فـ " النظافة جزء من الأيمان".

ونبينا القائل: " اغسل يديك بعد الأستيقاظ، لاتعرف اين تحركت يديك اثناء النوم"، واوصانا ايضاً " إن بركات الطعام تكمن في غسل اليدين قبل، وبعد الأكل".

فالأستفادة من العلاج الطبي تأتي من العودة إلى التاريخ، للحفر في عمق فكر الماضي، وماهي الدروس، والعبر التي طبقت لمواجهة الاوبئة، وبالأخص في زمن لم ينل التطور التقني، والتكنلوجي الذي نعيشه الأن .

فعلاجنا قديم لا يحتاج إلى عقاقير، عقاقيرنا تكمن في نضوج الوعي، وتطبيق سلم النجاة، وهو من اسهل العلاجات ؛ لأنه لايترك مضاعفات ثانوية، ولا يحتاج إلى مبالغ مالية، أو حتى جهد في تخزينه، والمحافظة عليه ؛ لأن النظافة، والعزل المنزلي، من اسهل الطرق المجانية للوقاء من وباء فتاك.

ولابد الأستفادة من وصية (نبيى الأمة )؛ لأنها نصائح مطبقة عملياً، ونظرياً، في زمن لا يعرف الكتابة، وانتشار الكومبيوتر، والانترنيت، والعقول الألكترونية، والعقاقير المتطورة .

والسلامة للجميع اولاً، واخيراً، علاجنا في تحكيم عقولنا ؛ لأن علاجنا لا يحتاج إلى توعية، بل إلى تذكير فقط، والماضي سجل لليوم، وغداّ، وبعد غد، وللمستقبل الذي نحاول بنائه بعيداّ عن  اللاوجود، والعدم.

 

د. وسن مرشد.

 

في المثقف اليوم