أقلام حرة

الإختصاص العام والخاص!!

صادق السامرائيالإختصاص العام أن تكون في الحياة، والخاص أن تنزوي في زاوية حادة منها، أو تمضي في نفق من أنفاقها، وتتمسك بوجودك فيه وتنكر الحياة.

والواقع الإنساني يعلمنا بأن الإختصاص الخاص مِنظار، له مواصفاته للتفاعل مع الحياة، أو رؤيتها من خلال عدساته المتنوعة.

فكلما يغوص المرء بإختصاصه الخاص يطل على الحياة بإختصاصها العام، ويقترب منه بعدته الإختصاصية الخاصة، وهذا ما يمارسه الإختصاصيون ويؤكدونه في سلوكهم وما يكتبونه ويبدعونه في المواضيع المتصلة بالحياة.

فكم إلتقيتُ بمختصين في ميادين المعرفة المتنوعة، وهم يطلون على الحياة من شرفات إختصاصاتهم، ويلوّنونها بإبداعاتهم وإجتهاداتهم ورؤاهم وتصوراتهم التي تجعلها أرحب وأجمل.

فالقول بالتخندق في الإختصاص الخاص نوع من الحبس أو التسجين، والأسر للعقل العلمي المعرفي، الذي إستلهم مفردات وعناصر الحياة أثناء رحلته الإدراكية فيها، ومنعه من البوح بما تجمّع في جعبته الفكرية والنفسية والروحية والحسية.

فالإختصاص الخاص لا يمكنه أن يضيئ وينير إن لم يحقق التفاعل الإنساني المعرفي العلمي مع الإختصاص العام الذي تشترك به البشرية وترفع راياته الإنسانية.

فأفذاذ الإختصاصات الخاصة بتواصلهم أناروا دروب الحياة، وأهلوها للتعبير عن الإرادة الخلاقة المبدعة المعتملة في الأعماق البشرية، ولولا تفاعلاتهم  لما وصلت الدنيا إلى رقيّها المعاصر وقدراتها الإبتكارية والإبداعية الدفاقة.

فالذين يدعون إلى الغرق في الإختصاص الخاص يناقضون طبائع الأمور وينسفون بديهيات التكون والعطاء، فنبراس الوجود الكوني من أصغره إلى أكبره، متواشج متمازج ومتلاقح متفاعل بإرادة الدوران والجريان، وتتبدل الأحوال بموجبه من حال إلى حال، ولا موجود يكون كما كان، ولا قدرة على التكور والتعنجر والتجلمد والتمترس في ظلماء الذات المعزولة العمياء.

فهل للتفاعل أن يلد براعم كينونات الإرادة، ويترجم أحلام أكون؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم