أقلام حرة

هل يوجد عقل عربي؟!!

صادق السامرائيالمفكرون العرب يفترضون وجود عقل عربي ووفقا لذلك يفكرون وينظّرون، وقد بحث الموضوع بإسهاب المرحوم الدكتور محمد عابد الجابري ضمن مشروعه التنويري لإستنهاض الأمة، والإجابة على سؤال يؤرق الأجيال مفاده " لماذا تأخرنا"؟!

والواقع المرير يشير إلى إنتفاء وجود العقل!!

فأين العقل فيما جرى وحصل للأمة على مدى قرن ونصف؟!!

العقل العربي مُحنّط،  مُجمّد، مُغيّب، مَنفي، مُستعبّد، أو قل عنه ما شئت ولكن لا تقل موجود!!

فمنذ القرن الحادي عشر وحتى اليوم العقل العربي في قارورة المعمعية، وأوعية التعتيق الإتلافي، وبراميل التخمير العدواني الأصيل.

العقل العربي لا يعمل، والمقصود هو العقل الجمعي، وليس عقول بضعة أفراد أو نُخب من المجتمع.

لو أن العقل العربي موجود لإنتقلت الأمة إلى آفاق أخرى، ولكانت أحوالها سبّاقة للعصور التي مرّت بها، خصوصا في زمن الكثرة البشرية، التي تعني أن العقول ستتفاعل وتبدع وتنجب أفكارا حضارية وإبتكارات نوعية.

فالمجتمع العربي عبارة عن بضعة عقول متمترسة في أوهام وهذيانات، وقد حلّت في رؤوس الملايين وصادرتها وحوّلتها إلى دمى، أو قطيع يرتع ويخنع ويتبع لهذا أو ذاك من الرموز، ذات المسميات المقدسة والمتوجة بالقوة والثراء، والمستثمرة بالقهر والعناء وإمتصاص الدماء.

فالحقيقة المريرة التي يتجاهلها المفكرون العرب عن قصد هي غياب العقل ومصادرته بالكامل، والمفكرون أنفسهم يقدّمون أمثلة على ذلك بما يتحاشونه من الحقائق الدامغة ومهاراتهم في الإلتفاف حولها.

وبسبب توجههم إلى ما هو غير موجود، لم يساهموا في إستهاض الأمة، وإيجاد العلاج المشافي لها من تأخرها وإضطراب خطواتها الحضارية.

بينما الواقع يقتضي أن نعمل على تحرير العقل من مستعبديه، وإشعار الإنسان بوجوده ووجوب عمله، وتفعيل قدراته ومهاراته في النظر والتصويب، وعندها يمكن الكلام عن العقل ومشاكله.

فالعقل العربي الذي تحدث عنه المفكرون العرب منذ عقود وعقود عقل متصوّر وغير موجود إطلاقا.

فهل من قدرة على تحرير العقل من مغتصبيه ومستعبديه لكي نتمكن من إحيائه وتربيته؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم