أقلام حرة

أمريكا للشعب العراقي: ماكو كاظمي ماكو كهرباء!

صائب خليلالخبر الصادم أعلاه كذبة تبنتها بضعة وسائل إعلام أمريكية، لإرهاب العراقيين وإجبارهم على الرضوخ وتنصيب عميلهم!

وفقاً لـ "الحرة" و"ألترا عراق" وبضعة قنوات أخرى، فأن "مسؤولا في وزارة الخارجية الأمريكية" قال بأن تجديد السماح للعراق باستيراد الغاز والكهرباء من إيران تم لفترة أقصر هذه المرة لتتمكن واشنطن من إيقاف السماح إذا لم يتم تشكيل حكومة "ذات مصداقية"!

وينتهي السماح بعد ثلاثة أسابيع من انتهاء مدة تقديم الكاظمي لوزارته ( في 26 أيار على وجه الدقة).

ويشير الخبر الترهيبي في وسائل الاعلام الامريكية الى تصريح وزير الكهرباء لؤي الخطيب ان العراق سيحتاج 3 الى 4 سنوات لكي يستطيع الاستغناء عن الطاقة الإيرانية. وهذا يعني أيها العراقيون ان لم تسمعوا الكلام فإن النقص في الكهرباء سيكون لعدة سنوات!(1)

الطاقة المستوردة من إيران تغطي حوالي 20% من كهرباء العراق، وبالتالي فأن قطعها سيعني ساعات إضافية من انقطاع الكهرباء. ولو فرضنا ان الكهرباء تأتي اليوم 10 ساعات في اليوم فسوف تقل ساعتين، وهكذا(2)

لكن الحقيقة قد تكون اهون من ذلك أيضا. فبعد التدمير الممنهج للصناعة العراقية، خاصة في عهد عبد المهدي، وما بعده، فمن المتوقع ان استهلاك الصناعة للكهرباء ستكون اقل بشكل ملحوظ، وبالتالي ستوجه الكهرباء للمواطنين.

على اية حال، الخبر على الأكثر كاذب، لأني لم أجد أي مصدر في كل وسائل الاعلام التي نشرته لهذا "المسؤول الأمريكي"، وبالتالي فهو كذبة. لكنها ليست كذبة بريئة عندما تأتي من وسائل اعلام تابعة للإدارة الأمريكية مثل "الحرة"، فهي عبارة عن تهديد مباشر، لا يريد صاحبه ان يتحمل مسؤوليته. إنه يهدد ويترك لنفسه ممراً للهرب في حالة التعرض للانتقاد الرسمي. هذه الكذبة اذن نوع من "بالون اختبار" وإرهاب، وهي تعبر بشكل دقيق عن حقيقة العلاقة بين أميركا والشعب العراقي: علاقة ابتزاز وفرض السفلة للحكم والأجندة المدمرة للبلد واقتصاده ومجتمعه.

هذا النوع من الابتزاز ليس جديداً على أميركا، لمن يعرف التاريخ. فحين اعلنت اميركا "مشروع مارشال" لمساعدة أوروبا الغربية لتفادي المجاعات بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وكانت الدولة الوحيدة غير المتضررة منها، أوضحت لشعوب هذه البلدان، كما لاحظ جومسكي، أن عليهم أن ينتخبوا من تدعمه اميركا، أو ان يواجهوا المجاعة!

وكما هو الأمر هنا، فإن ذلك لم يخرج بشكل موقف رسمي محرج، بل تم ايصاله الى شعوب تلك الدول بطريقة تتفادى بها المسؤولية. فجعلت المهاجرين الإيطاليين في اميركا، يكتبون الى اقاربهم رسائل تحثهم على انتخاب من تدعمه اميركا، موضحين لهم أن الحصول على الطعام والمساعدات مشروط بهذا الأمر، وقامت جهات امريكية بدفع ثمن طوابع البريد، واحياناً كانت الرسائل مكتوبة مسبقاً.

هذه المواقف يفترض أن تبين حتى لذوي الجلود السميكة والكرامة المندثرة والذاكرة المثقوبة من بين العراقيين، طبيعة العلاقة مع اميركا. لكن في هذه اللحظة سيكون من النفاق ان ننسى الموقف الإيراني المخزي من مسألة ترشيح العميل الأمريكي مصطفى الكاظمي وفرضه على العراق. لقد دافعت عن إيران وسياستها تجاه العراق كثيرا في الماضي (وانتقدتها أحيانا قليلة) إلا أنني لا استبعد اليوم ان تكون التهمة الموجهة اليها بالتعاون مع اميركا لإبقاء العراق ضعيفاً، قد لا تكون تهمة ظالمة، ولا استبعد تعاونها مع أميركا لمنع العراق من انتاج غازه، فحكومة التجار يمكن ان تفعل أي شيء، رغم ان اميركا ليست بحاجة الى تلك المعونة، فهي تسيطر على الحكومات المتتالية بشكل يتزايد مع كل حكومة. ورغم ذلك فإن وسائل الضغط الأمريكي على الشعب لا تزال كما هي، بقوة الترهيب والقصف والحصار الاقتصادي، وهي الأساليب المعروفة التي يستخدمها هذا "الصديق" مع "أصدقائه" ليضمن استمرار "صداقتهم"!

 

صائب خليل

.......................

(1) مدته ثلاثون يوما.. إعفاء أميركي جديد للعراق لاستيراد الكهرباء من إيران | الحرة

 

 

في المثقف اليوم