أقلام حرة

حميد طولست: من وراء استفحال ظاهرة الإرتداد عن الدين؟

حميد طولستمن الحقائقة الثابتة التي تبعث بالألم والأسى في نفس المسلم الحق، هو تحويل الدين الإسلامي الجميل -الذي جاء لتشكيل السلوك الانساني، وضبط إنفعاله، بإتجاه الطمأنة والاستقرار- إلى أداة لهيمنة دعاة اليأس والإحباط من فقهاء الدين وشيوحه، على كل نواحي حياة المسلمين الثقافية والسياسية والإجتماعية والاقتصادية بإسم المقدس الديني، الذي اختزلته خرافات وأساطير الشيوخ والفقهاء في مظاهر شكلية محصورة في سبحة وسواك ولحية كثيفة وجلباب قصير وحداء "نايك"، التي عملوا ويعملون على غرسها في نفوس المتدينين، وخاصة منهم الأجيال الشابة المنوط بها الانتقال بواقع مجتمعاتهم من حالة الركود الحضاري إلى آفاق التقدم والنهضة، بغية عزلهم عن تعاليم الإسلام السامية، وصدهم عن التجاوب مع مقاصده العالية، وسجنهم في الأفكار السلف السلبية البائسة المشبعة بفضائع الخرافات والأوهام، التي تجاوزها التاريخ، وكذبتها الاكتشافات، ورفضها المنطق السليم، وفضح الإنترنت معاداتها للعقل والعلم والمعرفة وواقع الحياة، وكشفت شبكات التواصل الاجتماعى معارضتها للحضارة الإنسانية والضمير البشري، والتعاليم الدينية، أمثال: "قضية إرضاع الكبير" و"نكاح الصغيرات" و إباحة ضرب المرأة، وسبي النساء، ومضاجعة الميتة، وأكل لحم الزوجة، وإباحة الرق، وشرب بول البعير، ودموية "الخلافة الإسلامية، وإعلان الجهاد على الشعوب وإخضاعها للخيارات الثلاث " الإسلام أو الجزية أو القتل"، والكثير من الترهات الشائعة التي تحويها ما يسمى بكتب التراث الإسلامي، والتي عجزت عن إيجاد مخارج مناسبة ومنطقية لما خلقته من فجوات واسعة بين الإنسان ودينه الحقيقي، وبين فطرته واستخدام عقله، فغدت المحفز الأساسي لاستفحال ظاهرة الإرتداد عن الدين في العالم العربي والإسلامي بين فئة الشباب على الخصوص-رغم وجود حكم الردة - حتى أصبحت بينة لا تخفى على أحد وتستحق الدراسة والفهم، والتي يعود سببها إلى ما سردت جزء يسير منه، والذي قال فيه الشيخ محمد الغزالي : إن نصف الملحدين في هذا العالم يتحمل مسؤولية إلحادهم متدينون كرّهوا خلق الله في دين الله، بتخاريف الأسلاف المكرورة مند قرون، وفتاويهم الفاسدة المنسبونة،مع الأسف، للرسول، رغم ما تتضمنه من بالغ الإهانة له الله صلى الله عليه وسلم و التشويه خطير لصورة ما جاء به من تعاليم نبيلة، والتي أكتفي بذكر بعض من القضاياها التي لا يصدقها إلا  كل ذي عقل باهت بسيط، كقصة جمع البخاري لــ 600 ألف حديث في 16 سنة فقط، وقصة ختم عثمان بن عفان للقرآن الكريم في ركعة واحدة، وقصة فوحان رائحة الشواء من احتراق كبد أبي بكر الصديق عند قرأته للقرآن، وقصة امتداد فترة حمل المرأة  إلى أربع سنوات، وفتوى تحلل الزوج من وجوب الإنفاق على وزجته المريضة لغياب المنفعة الجنسية، وغيرها كثير من الترهات التي تضع الدين الحنيف في مصاف الأيديولوجيات الجاهلية المناقضة لجوهره الصحيح، والذي أوجزه الصلاة الله عليه والسلام في مقولته البليغة

: "قل لا إله إلّا الله ثم استقم"، التي كانت ردا مفحما على المتسائلين عن كنه الإسلام الذي حصره في "التوحيد والاستقامة ومكارم أخلاق"، الحديث الذي يكفي وحده دليلاً على فساد كومة فتاوى التكفير وتهشيم الرؤوس، التي لا يشهرها رجال الدين، ولايستخدمها شيوخه وفقهاؤه، من دون خوف من الله أو وخز ضمير، إلا للحصول على المنافع الشخصية التي تنفخ خزائنهم وحساباتهم البنكية..

 

حميد طولست

 

في المثقف اليوم