أقلام حرة

فارس حامد عبد الكريم: صفة لاتفارق امثالهم ...

فارس حامد عبدالكريمالحكومات البوليسية والدكتاتورية والقبلية تخشى الكلمة أكثر من أي شيء آخر.. الكلمة هنا تقلب الوضع رأساً على عقب وتحرك المياه الراكدة بكل قوة فتفضح عفونة تلك الأنظمة.

وهي انظمة رجعية بلاشك، مهما كانت تسميتها الإعلامية كالثورية والنضالية والجمهورية والملكية والحزب تلقائد وهلم جرا.. مادامت تحكم من فرد واحد هو المرجع الأول والاخير..، وهي رجعية لأنها ترجع بنا الى اوضاع القرون الوسطىالمعروفة للجميع، حيث لم تكن مصطلحات مثل حقوق الإنسان والحرية الفردية والديمقراطية والحاكم الخادم للشعب قد ظهرت بعد.

وترصد مثل هذه الدول، أن صحت تسميتها بالدول، ميزانيات ضخمة وأعوان بالآلآف يترصدون حركة الكلمة لحصرها فيخانق ضيق، حتى لايكون هناك متسع لأحد من الشعب لسماعها،ومن ثم خنقها ودفنها في مكانها.

اطلاق النار على احد رموزهم ولو قُتل لكان ذلك أهون عليهم من انتقاد ولو بكلمة، فقتل أحدهم فرصة لتصفية الخصومبوحشية وخسة وغدر، أما الكلمة فتبكيهم وتربكهم ولايستطيعون لها رداً وهذا أمر طبيعي وليس من طبيعتهم لأن فاقدالشىء لايعطيه...

والتاريخ سواء القديم أو الحديث يعطي أمثلة واضحة ومتكررة عن كبح جماح الفن والأدب والإعلام وتكميم أفواه الادباءوالفنانين والإعلامين بأمر القائد الواحد المزهو بنفسه القبيحة.

ولكن لو كان تكميم الأفواه ينفع لنفع من كان قبلهم، أُعدم الآلآف من العراقيين وطوردوا وقطعت الأيدي والألسن والأذنودفنوا في مقابر جماعية ملأت ارض العراق من شماله الى جنوبه في زمن النظام السابق وزبانيته، في ظاهرة إجراميةقل نظيرها في التاريخ الإنساني، بسبب كلمة او نكتة او رأي أو قصيدة أو رواية أو لوحة فنية أو حتى مجرد مظاهرةاحتجاجية، وكل ذلك لم يمنع من السقوط المعنوي قبل المادي.

ولاتقل لي أن امريكا وحلفائلها هي التي اسقطته فلو كان الشعب ملتفاً  حول قادته لما استطاعت أكبر قوة في العالم انتسقطه على الأقل ليس بمثل هذا السقوط السريع المخزي الذي جعلهم كهباءً منثوراً في لحظات ادهشت الأعداء قبلالأصدقاء.

 

فارس حامد عبد الكريم - استاذ جامعي

 

 

في المثقف اليوم