أقلام حرة

صادق السامرائي: أقلام القرن الرهين!!

صادق السامرائيالأجيال في مجتمعاتنا تتناطح وتتباطح، وتحتدم الصراعات بينها حتى تتماحق، ويحسم معاركها الخسرانية الزمن، بما يفرضه من عوامل وضوابط وموجبات.

وقد عانى جيلنا من هجمة الأجيال السابقة، التي كادت أن تفترسه وترميه بالجملة والمفرد في أتون القاسيات، لكن الزمن أسعف بعض الناجين من أنياب تلك الوحوش، التي تمعن بأنانيتها ولا تعرف الرؤية الوطنية، وقيمة الطاقات الشبابية وأهميتها لبناء المستقبل العزيز.

وأجد الأجيال الطالعة ومنذ بداية القرن الحادي والعشرين، تحت وطأة وضغط ورؤى أجيال القرن العشرين، التي تريد أن تفرض إرادتها عليها، وتقلل من قيمتها ودورها، وتستهين بقدراتها وإبداعاتها، وأكثرهم يمعنون بنرجسيتهم وتعاليهم، وتوهمهم بأنهم الأدرى والأعرف، وعلى هذه الأجيال التي ينظرونها بأقل من نصف عين، أن تستسلم لواقع فاسد ومستقبل شديد.

إن الأمم والشعوب تتكون وتتقدم بتفاعل الأجيال وتكاتفها لا بتناحرها، وعلى أجيال القرن العشرين أن تعي هذه الحقيقة، قبل أن تسحقها سنابك الزمن وتمحق وجودها، مهما توهمت بأنها ذات قدرة على الثبات والصمود، والتمسك بذاتها المتضخمة البالونية الطباع.

عليها أن تقدم قدوة، وتأخذ بالأجيال الجديدة إلى حيث تريد وتستحق أن تكون، لا أن تحاربها وتحط من عطاءاتها، وتأنف من التفاعل معها، ومشاركتها همومها وتطلعاتها.

إذا كانت أجيال القرن العشرين تؤمن بالخواء والقنوط، فعليها أن تلتزم الصمت وتمارس إنزواءها فيما تراه وتتصوره، وأن لا تكون عثرة أمام الأجيال ومعوقا لخطواتها الرائدة.

أن ما تقوم به لمؤسف ومحزن، لأنها تنكر قيمتها وتنفي دورها، وتتوهم بأن وقوفها كالمصدات بوجه دفق الأجيال الطالعة، سيكسبها أهمية وقيمة، ويزيدها مكانة ورفعة، وكأنها تعمه في غفلة ومنقطعة عن الواقع الجاري، فلماذا لا تستلقي على الجرف، أو تركن إلى تل يعصمها من الطوفان المعرفي والإدراكي، الذي تطفح به الأجيال الجديدة الطموحة الواعدة.

إنها ظاهرة تستحق الإنتباه، وأصحابها عليهم أن يقوموا بواجبهم ويؤدوا مسؤوليتهم تجاه الأجيال، لا أن يقوموا بتصرفات تشير إلى وحشيتهم وضيق أفق رؤاهم، وعدم معاصرتهم.

فهل من فعل وتفاعل بصير؟!!

 

د. صادق السامرائي

12\9\2021

 

 

في المثقف اليوم