أقلام حرة

بديعة النعيمي: الحرب على غزة.. تأثير الحرب على الأطفال

لا شك أن غزة ترزح تحت الحصار منذ سنوات طويلة من قبل الكيان الغاصب،أضف إلى ذلك المعاناة الطويلة مع الحروب العنيفة منذ عام ٢٠٠٨ وإلى الحرب الأخيرة بتاريخ ٧/ أكتوبر حيث شنت حركة حماس بذراعها العسكري كتائب القسام وفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى العملية العسكرية (طوفان الأقصى) على مستوطنات الغلاف ردا من الحركة على الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى المبارك من قبل الجيش والمستوطنين.

فما كان من دولة الاحتلال إلا أن ردت على ذلك بشكل إرهابي باستهداف المدنيين بطائراتها بشكل متواصل. وهنا لا بد أن نذكر التأثيرات التي تسببت بها هذه الحرب على الأطفال وخاصة العامل النفسي في مقدمتها الخوف. هذا إذا استثنينا بعضا من التجارب التي قد تسرع من عملية النضوج لدى الأطفال الذين نشأوا في عائلات لها تاريخ سياسي وعلاقة بالمقاومة الفلسطينية.

لكن حينما نتحدث عن الغالبية العظمى من الأطفال الذين يعايشون الحروب نجدهم وقد تعرضوا لهزات عاطفية تعتبر غير اعتيادية بالقياس مع أولئك الذين يعيشون في بلدان آمنة من الحرب.

والمتابع للحرب على غزة وما تنشره شبكات التلفزة وفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي لسوف يدرك حالة الهلع والخوف التي يعاني منها الأطفال جراء القصف العنيف للمنازل وخاصة أن الاحتلال يتقصد القصف ليلا. وحيث أن علماء النفس يحذرون من إيقاظ النائم بطريقة مرعبة لأن ذلك قد يتسبب له في حالة نفسية مستقبلا. وقد يصاب الشخص بمخاوف أو قلق أو حتى كوابيس نتيجة تعرضه المستمر للفزع أثناء الاستيقاظ من النوم. فكيف بأطفال غزة الذين توقظهم الصواريخ والقنابل القاتلة. فها هي أميرة طفلة من غزة تقول (كنت نائمة عندما تم قصفنا ،استيقظت ولم يكن باستطاعتي التنفس ،كنت أسمع أصوات الناس وكانت هناك صخور فوقي وتحتي). والطفل أحمد الذي لم يتجاوز الخمسة رأيناه كيف كان جسده يرتجف بالكامل وحين سأله الصحفي إن كان نائما وقت القصف فأجاب بهز رأسه دون القدرة على الكلام.

أميرة وأحمد اثنان من آلاف الأطفال في غزة الذين تعرضوا إلى صدمات نفسية عنيفة. ناهيك عن الأطفال الذين فقدوا عائلاتهم ولم يبقى سوى هم. ومن المعروف بأن وجود الوالدين إلى جانب الطفل من أكبر العوامل المؤثرة عليه. حيث يعتبر موت العائلة من التحديات التي تواجه الأطفال وخاصة الأم التي تعتبر عازلا بين الطفل والمعاناة النفسية،وهذا التحدي سوف يسبب القلق والتناقضات للطفل وبالتالي ستؤثر على نظرته المستقبلية إلى العالم وتشكيل شخصيته بطريقة غير طبيعية.

كما أن تكرار مشاهدة العنف والموت والدم والأشلاء تتسبب في حدوث القلق المتواصل والاضطرابات النفسية.

أطفال غزة مثلهم مثل غيرهم من أطفال العالم يحق لهم العيش طفولة طبيعية غير أنهم يعيشون مرحلة اختصار الطفولة والقفز إلى مرحلة البلوغ هم الآن يعيشون الحرمان والمعاناة والأخطار الدائمة تحت ظل هذا الاحتلال الدموي.

***

بديعة النعيمي

في المثقف اليوم