أقلام حرة

مُحَمَّدُ سَعْدِ: غَرُبَانُ اللَّيْلِ وَغَرْبَانُ الْعَرَبِ

تَنْتَشِرُ مُنَظَّمَاتٌ مِنْ الْمُتَطَوِّعِينَ فِي مُعْظَمِ الدُّوَلِ الْأُورُوبِّيَّةِ.، بَعْدَ غُرُوبِ كُلِّ يَوْمٍ، وَخَاضَتَا فِي فَصْلِ الشِّتَاءِ ،وَتَنْشَطُ هَذِهِ الْجَمَاعَاتُ عِنْدَمَا يَتَسَاقَطُ الثَّلْجُ وَتَهْبِطُ دَرَجَاتُ الْحَرَارَةِ دُونَ الصِّفْرِ ..،أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الزِّيِّ الْأَصْفَرِ. فَمُنْذُ سَنَوَاتٍ تَسَاقَطَ الثَّلْجُ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ حَتَّى وَصَلَ إِلَى حَوَالَيْ/ 50 سَنْتِيمِتْرًا وَكَسِّيٍّ شَرِيطٍ الْقُضْبَانُ التُّرَامُ وَأُغْلِقَتْ الشَّوَارِعُ.، وَكَانَتْ الْعَاصِفَةُ الثَّلْجِيَّةُ "لَيْلَةَ الْأَحَدِ" وَمُعْظَمُ النَّاسِ خَارِجَ بُيُوتِهِمْ لِلسَّهَرِ. خَرَجْتُ أَنْتَظِرُ أَيْ وَسِيلَةً لِلذَّهَابِ لِلْمَنْزِلِ ..-وَقَفَتْ عَلَيَّ مَحَطَّةُ تَرَامْ. فُوجِئَتْ بِسَيَّارَةِ شُرْطَةِ دَفْعٍ رُبَاعِيٍّ... تَطْلُبُ مِنِّي عُنْوَانِي وَرَقْمٍ هَاتِفِي وَانْتَظَرَ دَقَائِقَ لِحِينِ وُصُولِ حَافِلَةٍ تَجْمَعُ النَّاسَ مِنْ الشَّوَارِعِ..، وَأَمَامَهَا كَاسِحَةِ الثَّلْجِ لِتَوْصِيلِ النَّاسِ الي أَقْرَبَ مَكَانٍ لِمَنَازِلِهِمْ، هَذَّةَ الْوَاقِعِهِ حَدَثَتْ لِي شَمَالَ أَلْمَانْيَا...، وَكَانَتْ هَذَّةُ الْجَمَاعَاتِ التَّطَوُّعِيَّةِ تَجْمَعُ الْمُشَرَّدِينَ فِي مَحَطَّاتِ الْمِتْرُو فِي" بَرْلِينْ "كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ الْعَاهَاتِ السُّكُوبَاتِيَّةِ. وَالسَّكَارِيِّ كُلَّ لَيْلَةٍ بَعْدَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ فِي حَافِلَاتِ الِي مَنَازِلَ خَاصَّةٌ وَيَتِمُّ الْكَشْفُ الطِّبِّيُّ عَلَيْهِمْ وَرِعَايَتُهُمْ . وَتَقْدِيمُ وَجَبَاتٍ لَهُمْ ثُمَّ يُطْلِقُوا سَرَاحَهُمْ فِي الصَّبَاحِ بَعْدَ تَقْدِيمِ وَجْبَةٍ فَطَارَ لَهُمْ...،، وَكَذَلِكَ فِي الْمَيَادِينِ يَتِمُّ تَوْزِيعُ وَجَبَاتٍ وَمَلَابِسَ وَغِطَاءٍ لَهُمْ كُلَّ يَوْمٍ عِنْدَمَا يَتَحَسَّنُ الطَّقْسُ لِمَنْ يَرْغَبُ أَنْ يَنَامَ أَمَامَ الْمَحَالّ .وَالْمَيَادِينِ وَلَاتَنَزْعِجَ مِنْهُمْ الدَّوْلَةُ..،، فَفِي الدُّوَلِ (الِاسْكِنْدِنَافِيَّةِ ) يُطْلِقُوا عَلَي هَذَّةَ الْجَمَاعَاتِ

"غَرُبَانُ اللَّيْلِ " أَصْحَابُ الثِّيَابِ الِاصْفَرُّ تَبْحَثُ فِي اللَّيْلِ

وَفِي عُطْلَةِ الَاسْبُوعِ فِي زَوَايَا الشَّوَارِعِ

وَالْمُنْعَطَفَاتِ وَفِي الْحَفْرِ ..،

وَتَحْتَ مِظَلَّاتِ الْمَحَالّ عَنْ كُلِّ سَكْرَانَ مَغْمِيٌّ عَلَيْهِ،

أَوْ عَاشِقٌ مُنْهَارٍ وَعَالِقٌ فِي شَبَكَةِ مَجَارِي،

وَأَيُّ حَشَّاشٍ يَقِفُ مُنْتَصَفَ الطَّرِيقِ وَيُعْتَقِدُ أَنَّهُ مَوْقِفٌ

الْحَافِلَاتُ...،

أَوْ أَيْ عَازِفٍ هَارِبٍ مِنْ الْحَفْلِ بَعْدَ ضَرْبِهِ بِالْكَرَاسِي

لِازِعَاجِ الْجُمْهُورِ...،

وَأَيُّ مَخْمُورٍ شَرِبَ حَتَّى الثِّمَالَةِ وَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ فِي الثَّلْجِ،

أَوْ تَلَقَّى وَهُوَ خَارِجُ الْمُرْقُصِ رِسَالَةً

الْكَتْرُونِيَّةٌ

عَنْ مَرَضِ طِفْلَةٍ اوْ قَطِّهِ أَوْ كَلْبِهِ وَنَقْلِهِ لِلْعِيَادَةِ..،

وَأُصِيبَ بِنَوْبَةِ إِغْمَاءٍ.

هَذِهِ الْمُنَظَّمَةُ تَضُمُّ أَطِبَّاءَ وَمُمَرِّضِينَ وَمُسْعِفِينَ

وَسَيَّارَاتُ إِسْعَافٍ مُزَوَّدَةٍ بِمُسْتَلْزَمَاتٍ صِحِّيَّةٍ لِلِاسْعَافِ الْفَوْرِيِّ،

كَجُزْءٍ مِنْ وَاجِبِ الدَّوْلَةِ الرَّاعِيَةِ تُجَاهَ مُوَاطِنِيهَا،

هُوَ الْعَقْدُ الِاجْتِمَاعِيُّ بَيْنَ الْمُوَاطِنِ وَالدَّوْلَةِ فِي أَنْ تَرْعَاهُ

وَفِي أَنْ يَقُومَ بِوَاجِبِهِ.

بِلَا هُتَافَاتٍ لِلدَّوْلَةِ وَلَا مَدِيحَ لِلْحَاكِمِ لِكَيْ يَتَغَطْرَسَ...،

لِأَنَّ الْحَاكِمَ مُوَظَّفٌ فِي الدَّوْلَةِ يَقُومُ بِوَاجِبِهِ،

كَمَا يَحْدُثُ عِنْدَنَا فِي الْعَالَمِ الْعَرَبِيِّ عِنْدَمَا يَرْتَفِعُ الْجَعِيرُ لِأَتْفِهِ فِعْلٌ إِسْتِعْرَاضِيٍّ مِنْ مَسْؤُولٍ...،

لِأَنَّنَا مَصْنَعُ مُنْتِجٌ لِلْأَوْغَادِ وَالْمُمَثِّلِينَ وَالْكُومْبَارِسِ وَإِنْصَافِ الرِّجَالِ...،

لَايَجُوزُ قَانُونًا أَنْ يَنَامَ الْمُوَاطِنُ بِلَا سَقْفٍ.

أَوْ جَائِعًا أَوْ مُتَأَلِّمًا مِنْ مَرَضٍ أَوْ خَائِفًا مِنْ أَحَدٍ...،

الْوَطَنُ هُوَ الصِّدِّيقُ،

عِنْدَمَا تَحَوَّلَ الْوَطَنُ الْأَصْلِيُّ الَى مَنْفًى.

شِعَارُ مُنَظَّمَةِ غَرْبَانِ اللَّيْلِ هُوَ \"الْأَمَانُ\"،

وَشِعَارُ الْأَمْنِ الْعَرَبِيِّ هُوَ \"امْنُ الْحَاكِمِ\" حَتَّى لَوْ كَانَتْ

الْعَدَالَةُ مَفْقُودَةٌ،

قَدْ تَكُونُ تَجْرِبَةً مُثِيرَةً وَغَرِيبَةً مِنْ نَقْلِ الْجَرْحَى وَالْقَتْلَى

فِي سَاحَاتِ الْحَرْبِ،

الَى نَقْلِ الْعُشَّاقِ الْمُنْهَارِينَ وَسُكَارَى اللَّيْلِ الْمَغْمِي عَلَيْهِمْ

فِي زَوَايَا الشَّوَارِعِ،

لَيْسَتْ تَجْرِبَةً فَحَسْبُ بَلْ هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ الدَّوْلَةِ الْأُمِّ الرَّاعِيَةِ،

وَبَيْنَ شُبَّةِ دُوَلٍ مِنْ الْعِصَابَاتِ،

بَيْنَ دَوْلَةٍ تَرْعَى الْفَرَحَ الْبَشَرِيَّ مِنْ الْخَطَرِ

وَبَيْنَ دَوْلَةٍ تَزْرَعُ الْمُتَفَجِّرَاتِ لِشَعْبِهَا فِي حُرُوبِ دَائِرَةٍ فِي بُلْدَانٍ عَرَبِيَّةِ الَّانَ لِتَزْرَعَ الْحُزْنَ وَالْخَوْفَ وَالْقَلَقَ وَالْكَآبَةَ،

إِنَّ الَّذِي سَتَعْثِرُ عَلَيْهِ مُغَمِّيًا فِي مُنْعَطَفِ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ،

هُوَ فِي النِّهَايَةِ إِنْسَانٌ يَسْتَحِقُّ أَنْ يَكُونَ سَعِيدًا،

حَتَّى لَوْ تَطَرَّفَ فِي ذَلِكَ،

وَعَلَى الدَّوْلَةِ حِمَايَتُهُ مِنْ الذَّهَابِ

بِفَرَحِهِ نَحْوَ الْهَاوِيَةِ. هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ غَرْبَانِ اللَّيْلِ لِانِّقَاذِ حَيَاةِ وَكَرَامَةِ الِانْسَانِ،

وَبَيْنَ ارْجُوزَاتِ الْمُجْتَمَعِ الْمَدَنِيِّ الْعَرَبِيِّ مِنْ عَاهَاتٍ سْكُوبَاتِيَّةٍ عَلِي شَبَكَاتِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ...، هَذَّةَ هِيَ مُهِمَّةُ الْعَمَلِ التَّطَوُّعِيِّ وَلَيْسَ الْفُرْجَةَ وَالْتِقَاطُ صُوَرٍ تِذْكَارِيَّةٍ بِجِوَارِ شِنْطَةٍ اوْ وَجْبَةِ طَعَامٍ لِلْمُحْتَاجِينَ. نَحْنُ شُعُوبٌ لَمْ نَتَعَلَّمْ مَعْنِيَ الْعَمَلِ فِي الْمَجَالِ الْعَامِّ التَّطَوُّعِيِّ وَنَعِيشُ مَتَاهَاتِ التَّدَيُّنِ .؟!!

**

مُحَمَّدُ سَعْدِ عَبْدِ اللَّطِيفِ

كَاتِبٌ مِصْرِيٌّ وَبَاحِثٌ فِي الْجُغْرَافِيَا السِّيَاسِيَّةِ

في المثقف اليوم