تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

علاء اللامي: مفردات اللهجة العراقية بين العربية والمندائية (7)

البطة والبشة، براني، بربروگ، برطيل، بزگ، بسط، بغبغ، بسمار، بِشت، بصاية الله، بلكت، بوري، بهاري، بير:

تذكير مكرر: ولتسهيل قراءة قوائم المفردات، سأكتب المفردة أولا كما تلفظ في اللهجة العراقية، ثم علامة مساواة وبعدها لفظ المفردة في المندائية كما ذكره المؤلف بين قوسين كبيرين، ثم معناها في المندائية أو اللهجة العراقية، ثم أختم الفقرة بتعليقاتي أو استدراكاتي عليها مع التوثيق التأثيلي من المعاجم على كونها عربية وحسب ترتيب ورود هذه المفردات في الكتاب المذكور:

61- برا -  كش وبرا =(برايا) وتعني في المندائية طارد الأرواح الشريرة/ الخارج. والكلمة عربية نسبة إلى البر والبرية وخارج المنزل ومنها براني ونقرأ عنها في المعجم أيضا (الَبرَّانيُّ: الخارجيّ (نسبة إلى البَرّ)، وهو خلاف الجَوَّانيّ وفي الحديث النبوي الشريف: مَن أصَلح جَوَّانيَّتَه أصَلح اللهُ بَرَّانِيَّتَه).

62-  براني = الملاحظة السابقة 61.

63-  بربروگ =(بربوق) وفي المندائية هي من ألفاظ الشتم الفاحش. وكنت قد كتبت عنها في كتابي "الحضور" الآتي: "بربوك = وجمعها برابيك ( بالقاف الحميرية أي الجيم القاهرية )  وقد ذكر الكاتب الروائي العراقي محمود سعيد في محاضرة له أن أصلها أكدي أو آثوري ومؤلفة من  كلمتين "بر" و "بوگا " ولم يوضح معناهما في المحاضرة، ولكنه أكد لي في رسالة شخصية أنه سمع من أحد المهتمين باللغة الآثورية، وهذه  تسمية أخرى للغة الآشورية، أن الكلمة تعني العجوز الخبيثة والسيئة السمعة، ولكن رفعت رؤف البزركان يقول في كتابه " معجم الألفاظ الدخيلة في اللهجة العراقية"  إن أصل هذه الكلمة من اللهجة "الكراشية" إحدى لهجات اللغة الفارسية، وان معناها الكوز الصغير مثلوم الحافة والذي لا يغرق إن ألقي في النهر، ومنه قولهم " بربوك ما يغرق " وذكره البهاء زهير في بيت له يقول:

 لا تعجبوا كيف نجا سالماً***** من عادة البربوك لا يغرق.

وأنا استبعد التخريج الثاني، ولا يمكنني الحكم على التخريج الأول لعدم معرفتي بمعنى الكلمتين الأصليتين الأكديتين. أما في العربية الفصحى فلم أعثر لها على أثر قريب المعنى".

64- برطيل =(برطل) وتعني في المندائية موظف الحدود ولكنها في اللهجة العراقية تعني الرشوة. وكنت قد ذكرتها في كتابي سالف الذكر ووثقتها عن قاموس "مختار القاموس" للطاهر الزاوي ص47، قال (البرطيل الرشوة. ج، براطيل. وبَرطَل فلاناً: رشاه).

65- بزگ =(بزق) يومض يبرز في المندائية والأرجح من ذلك هو أن تكون هذه المفردة مأخوذة من بزغ العربية والمطابقة لها في المعنى.

66-  بسط =(فسط) يعني في المندائية يدوس ويسحق ولكن معناها في اللهجة العراقية بعيد عن معنى الدوس والسحق بل هو الضرب والصفع، وكلمة بسط بهذا المعنى أقرب لفظا ومعنى إلى العربية الفصحى بَسَطَ. يقال: بسطه أي مدَّهُ وطرحه أرضا بعد ضربه من "فسط" المندائية التي تعني السحق والدوس.

67-  بسمار=(بيسمار) بالمعنى نفسه في المندائية واللهجة العراقية؛ مسمار. والأرجح أن هناك إبدالا بين الميم والباء وهذا الابدال شائع في اللغات الجزيرية وخصوصا العربية وهذا النوع من الإبداع يسمونه "لغة بني مازن" كما رصدها قاموس "تاج العروس من جواهر القاموس" للزبيدي كما مر بنا في ما تقدم.

68- بشَّة =(بشا) في المندائية تعني بطة. وربما كان الأدق هو القول إنها نوع من البط ويسمى أيضا الخضيري وهو طائر مهاجر للذكر منه رأس أخضر براق جميل. ذكرتها في كتابي "الحضور" في الفقرة التالية: بطة، بشة = البطة / أكدية /البزركان، وفي العربية بذات المعنى مع ان ابن منظور يعدها من الأعجمي المعرب ويعتبر مقابلها العربي الإوزة ... نقرأ في اللسان التالي: (والبَطُّ: الإِوَزُّ، واحدته بطّة. يقال: بطّةٌ أُنثى وبَطّةٌ ذكر، الذكر والأُنثى في ذلك سواء، أَعجمي معرّب، وهو عند العرب الإِوَزُّ صِغارُه وكباره جميعاً؛ قال ابن جني: سميت بذلك حكاية – محاكاة وتقليدا -   لأَصواتها). أما بشَّة فغير موجودة بهذا المعنى في المعاجم العربية ولكنها موجودة ومستعملة في لهجة أهل جنوب العراق. أما الإوزة فقد أوردها طه باقر في كتابة " من تراثنا اللغوي القديم" وقال إن أصلها آرامي "وزَّة"، ولكنها أكدية أيضاً بلفظ قريب جدا هو أوز (UZ). ويبقى التفريق إن وجد ضروريا بين البطة والبشة والإوزة من قبل المتخصصين بعلم الطيور.

69-  بِشت =(شتا) في المندائية تعني يحوك ينسج، ولفظها المندائي بعيد كثيرا عن لفظها العراقي. وفي العراقية هي عباءة ضمن الزي العربي التقليدي يرتديها الرجال وهي معروفة بهذا الاسم في دول عربية أخرى. والكلمة أكدية بحسب الباحث الليبي د. علي فهمي خشيم، وورد ذكرها في كتابات المؤرخ هيرودوت كرداء عربي كما نقل خشيم.

70- بصاية الله =(صايتا) قرب، معية، تضمن. وفي العراقية تعني بفضل الله. والصاية هي رداء عربي تقليدي يرتديه الرجال أحيانا في العراق والجزيرة العربية وفي سوريا خصوصا في حمص حيث ورد "وهناك "الدامر" الذي يلبس فوق الصاية العربية" وهو يشبه الصدرية ويكون على عدة ألوان بما يتلاءم مع الصاية". ولم أتوصل الى جذره ولكني أستبعد أن يكون من "صايتا" المندائية التي يعني القرب والمعية فليس ثمة علاقة.

71- بطن =(بباطنا) وتعني في المندائية حبلى! وهذا تخريج عجيب ومضحك لكلمة عربية سائدة من المحيط إلى الخليج وموجودة في جميع المعاجم القديمة والحديثة! ويبدو أن المؤلف أخذ أحد المعاني المجازية واعتبرها معانٍ حقيقية مثلها مثل عبارة "يد الله" التي تعني قوة الله / إرادة الله، في سياقها ولا تعني اليد الفعلية. أو قولنا (جبهة الحرب تشتعل) فالجبهة هنا لا تعني الجبهة في الوجه بل ميدان القتال والاشتعال لا يعني نشوب النار.

72- بغبغ =(بقق) وتعني في المندائية الشيء المنتفخ التالف المتضرر الفاسد. فيضرب للكلمة مثالا في قولهم في العامية " بطن السمكة مبغبغة "أي فاسدة. وهذا التخريج ضعيف لبعد اللفظة المندائية "بقق" عن العامية "بغبغ"، والأصح أن الكلمة عربية وهي "بقبق"، ولكن العراقيين يلفظونها بقاف حميرية "جيم قاهرية". نقرأ في معجم المعاني ما يفيد أن كلمة "بقبق" تحاكي البقبقة كصوت خروج الفقاعات من الماء والأحرى كما أرجح أن تكون البغبغة في المثال الذي ضربه المؤلف لبغبغة بطن السمكة الفاسدة من هذا النوع فيقال "هذي السمكة مبغبغة ، أو بطبها تبغبغ لأنها جايفة"!

73- بلا =(إبلا) بلا وبدون.  مكررة وقد توقفنا عندها في الفقرة 1.

74-  بلكت =(بل +كت) عسى وربما. المفردة من مقطعين في المندائية ولا نعرف ماذا يعني كل منهما على حده، وأعتقد أن الكلمة من التركية (بركي/ بركت، كما يلفظها عرب الشام، وحدث إبدال بين الراء واللام وهو شائع.. بركت إلى بلكت في العراق وهي حتى، ومن أجل أن، وربما.

75-  بنّايا =(بنايا) بناة. الأصل فيها الجذر العربي بنى يبني فهم بناة، جمع لاسم الفاعل بنّاء وتحويل الهمزة إلى ياء وارد (بناء / بناي) لتفادي الهمز، وجمعها اللهجوي بنّايا/ بناية.

76-  بُنّي =(بُنا) نوع من الأسماك. و"الاسم والتعريف العلمي لها (Mesopotamichthys sharpeyi) هو نوع من أنواع الأسماك الشبوطية المتوطنة، لونها مائل للبني- ذهبي بشكل عام مع بطن أخف وزعانف أغمق لونا". فالاسم إذن من لونها البُنّي ولفظها في اللهجة العراقية أقرب إلى اسم اللون العربي منه إلى المندائي.

77-  بهاري =(بهار) الربيع. وكلمة بهار موجودة بمعنى ربيع في الفارسية والكردية وتختلف قليلا في التركية الحديثة فهي "إك بهار". وتستخدم أيضا كاسم لأحد الألوان هو البهاري ويسمى أحيانا (الكركمي) وربما كان نسبة الى البهار أو الكركم. علما أن كلمة (كركما) أكدية، كما مر بنا في موضع آخر.

78- بوري =(إبوري) وتعني في المندائية (مزلاج ويستخدم لكل شكل أسطواني). واعتقد أن لا علاقة لبوري أي الأسطوانة بالمزلاج. وكنت قد أثلت هذه الكلمة في كتابي سالف الذكر فقلت "بوري: يستخدم العراقيون كلمة [بوري] للدلالة على الانبوب، وكلمة [بوري] هي كلمة عراقية أكدية قديمة تعني قصبة البردي المجوفة وهو النبات المشهور الذي ينبت بأهوار العراق.

 79-  بير =[بيرا) هو البئر . والكلمة عربية واسعة الانتشار وفي العاميات العربية جميعا تلفظ غير مهموزة كما ورد في أمثلة كثيرة.

80-  چا = ( شاا) يعني بالمندائية، يقول / يتكلم/ يتحدث، ولا أرجح هذا التخريج لأن المعنى بعيد عن معناها ولفظها في العراقية فهي تعني "إذن"، وحرف الشين لا ينقلب إلى جيم مثلثة "چ" في الإبدال اللفظي، بل هو حرف الكاف الذي يلفظ بما يسمى كشكشة ربيعة "تشا" وهي لهجة عربية قديمة وربما يصح التخريج الذي يقول أن أصلها "كا" الأكدية بمعنى "إذن". يتبع

***

علاء اللامي

في المثقف اليوم