أقلام حرة

عماد علي: هل يمكن الوصول الى العقلية الانسانية في منطقتنا

عماد عليالوصول الى الاقتناع بمفهوم الانسانية كفكر وفلسفة وايديولوجيا وشعار مركزي لك كشخص او ضمن مجموعة في اطار فكري او عقيدي او اجتماعي، صعب جدا وانما ليس بمستحيل في هذه المنطقة المغمورة بكل ما يبعدك عن هذه القناعة وما تخص الانسانية. انت تعيش في واقع والمعلوم بانه يبعدك في كل لحظة عن الفكر الايجابي المطلوب للحياة التي تدعو الى التغيير، وان ضغطت على نفسك في التحاشي عن المسببات التي تحيط بك وتمنعك عن الطاقات التي تدفع وتدعو الى العقلانية التي تؤدي في النهاية الى التغيير المستمر والخلاص من الموروثات التي تشكل سدا منيعا عن كسب تلك الطاقات لبناء العقلانية المجردة اولا ومن ثم الوصول الى الانسانية حتى النسبية منها في النهاية.

هناك فروق فردية في هذا المجال، اي وجود المقومات والعوامل الموضوعية التى تؤثر سلبا او ايجابا على الفرد من الاسرة والمجتمع من الحي والزقاق وصولا الى المدينة ومن ثم الشعب بشكل عام. وهذا يعتمد على الثقافة العامة والموروثات الثقافية ومستوى المعيشة والمؤثرات الاقتصادية والسياسية والثقافية التي تدفع او تمنع تفكير الانسان الى الاقتناع بالانسانية كفكر، اضافة الى الفروق الفردية وحالة الفرد الناتج من ما يكسبه في بيئته الصغيرة، اي ظروفه الذاتية.

بشكا عام، نرى دائما من يستمر دائما على الانتقاد للاخر ويصل به حد القدح والشتم والمسبة ولم يفكر يوما ان يضع نفسه مكان الاخر ويجد حججا لما هو عليه غيره، اي عند تواجد اثنين المذمة ثالثهم واصبحت عادة لاصق بحياة الاكثرية الساحقة. ويمكن ان يكون الثالث وافضل منهما لو قيمهما الاخرون المحايدون. وطالما بقت الغيبة والمذمة للاخرين لا يمكن ان تكون هناك ذرة انسانية.

شاهدت الكثير من الشخصيات الواصلة نتيجة الحيل والخداع واستخدامهم للاساليب والطرق الملتوية، فعندما فتحتوا افواهها لم يقولوا غير ما يمكن ان يصيبوا لب قصدهم وهو نبذ الاخر المنافس ، وعند الكلام عن النفس تبدا افرازات النرجسية فعلتها وهي التي تحدد كيفية الكلام والتقييم وتوضيح ما كان يهم في شرحه بالاسهاب. يتكلم وكل اهتمامه شخصي بعيدا عن المهام الموكل اليه، واخيرا يدعي الانسانية، طالما سيطرت النرجسية لم نجد الانسانية لدى اصحابها.

ما دفعني ان اكتب هذه الكلمات هو ادعائهم بالانسانية ولم نجد اي ملمح ولو من بعيد من ان قناعته بهذا المفهوم النبيل نابع من عقليتهم وثقافتهم. فهل يمكن َمن يؤمن ان يُقتل ويُذبح الاخر المخالف لعقيدته ويكون فكره وعقليته انسانية ويؤمن بنسبة قليلة من الانسانية كعقيدة العصر، فهل من يؤمن بقتل المؤمن بغير الدين هو انساني، فهل من يؤمن من يكون من غير مذهبه او عرقه يستحق القتل لديه ذرة انسانية ومن يمكن ان يصدقه يان يكون انسانيا

اذاُ، يتوضح لدينا ان الشائع في هذه المنطقة عدم التعمق فيما يقع على عاتق النفس من الجهد للوصول الى القناعة الانسانية بل الاصرار على القاء اللوم على الاخر ونعته بلا انساني، بينما تدعي كلاما مجازيا بانك انساني الفكر والعقلية والفلسفة؟

ان مراحل الوصول الى العقلية الانسانية عديدة وطويلة وصعبة، تحتاج بداية الى التخلص من الشوائب التي تراكمت في عقلية الفرد نتيجة تماسه وتعايشه واختلاطه مع مختلف العقليات، وبعد التجرد من كل ما اثر على حياة الفرد وعقليته فكرا وفلسفة وعقيدة ستبدا عملية البناء العقلاني بوجود العوامل المساعدة فكريا وبيئيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا واحتماعيا، بعد معرفة الموانع ومحاولة اتقاء شرها، هذا عند الفرد وتحتاج هذه العملية الى وقت من عقود ودهور، ولا يمكن لاي منا ان تكون لديه غاية ايديولوجية متشددة ويدعي بانه انساني في الفكر والعمل والفلسفة.

 

عماد علي

 

 

في المثقف اليوم