أقلام حرة

هناء عبد الكريم: بين الماضي والحاضر

لم يكن ابي خبيرا بالتنمية البشرية ولا عالما نفسيا عندما كان يستقبلني كل يوم عند عودتي من المدرسة ويسأل الاسئلة ذاتها بكل بساطة... مع تغييرات بسيطة تناسب مرحلتي الدراسية.. كيف حال صديقتك فلانة ولماذا تشاجرتي معها.. لماذا صرخت معلمتك بالصف ماذا كانت تريد، واجيب بكل براءة واسرد احداث يومي وفي المتوسطة والاعدادية تطورت الاسئلة والنقاش ليشمل صديقاتي والتعرف على عوائلهن.. وفي الجامعة اعود نهاية الاسبوع ليتلقاني ويقول احكِي لي ماحدث منذ خروجكِ من المنزل وحتى هذه الساعة... ويطيب الكلام عندما يمتلك المستمع كل هذا الحب والفهم..لايمكن ان يتمنى الابن او البنت اكثر من هذه الامور من ابويه.وكل هذه الاحاديث مع ابي كبرت معي لتصقل شخصيتي وتضع الاسس الاولى لطرق تعاملي مع الاخرين بالحياة.. ومع انه والدي الا اني أراني لا امتلك شيء من مرونته وطاقته معنا.. اليوم نحن مكبلون بضغوطات العمل والبيت وشبكات التواصل الاجتماعي التي نبحث فيها جاهدين على اي حل لمشاكلنا الاسرية ولا ندري انها هي اساس المشكلة وجوهرها وحتى وان اكتشفنا وميزنا الامر قليل منا من يتعامل مع هذه القضايا بحزم ويتخذ قرار بترك هذه والابتعاد عن تلك لأجل التفرغ لتربية الاولاد بشكل صحيح وسليم والسبب اننا بحقيقة الامر نتهرب بطريقة او بأخرى دون ان نعترف ولو لانفسنا.. الصخب الذي يملئ الحياة اليوم يشعرنا بكل هذه الضغوطات.. كل طرق التربية المطبقة حاليا في المجتمع تكون معاقة لانها لاتمتلك ارضا خصبة لتنفيذها مثلا نفرض وضع يتطلب ان يتحلى الاب بالصبر والهدوء مع تصرف لابنه قد يفقده اعصابه ومن باب( احتويه الزمن يتغير).. يجب ان يكون هادئ بالوقت الذي يكون الاب باسوء حالته بسبب سوء الاحوال المعيشية او ضغط العمل..او عطل الموبايل او اختفت الشاحنة... او قد تكون المشكلة اكبر كأن مثلا غلقت صفحته في الفيس بوك.. او سرق حسابه.... او حضره صديق عزيز.. من اين سيأتي الهدوء حينها.. نحن لانمتلك ذاك الهدوء القديم وتلك السكينة بذلك الزمن البعيد..

نحن مجبرون على ان نعكس صخب حياتنا على اطفالنا هذا كل مافي الامر.

 

هناء عبد الكريم

في المثقف اليوم