أقلام حرة

صادق السامرائي: التعريب والتخريب!!

صادق السامرائيلا توجد أمة تحدثت عن توطين العلوم بلغتها مثل أمتنا، وما أنجزت شيئا مهمّا، فمعظم  دول العالم تدرس العلوم بلغاتها إلا العرب.

فهل سمعتم بدعوة لتتريك أو أيرنة ، أو صيننة العلوم، لا يُعرف كيف إنطلق في وعي الأجيال مصطلح (التعريب)، فمنذ أن كنا طلابا في الثانوية، والمصطلح يعصف في رؤوسنا، ودخلنا الجامعات ودرسنا باللغة الأجنبية، فكليات الطب تدرّس بالإنكليزية، ومن غرائب سلوكنا الطبي، أننا نتكلم مع المريض باللغة العربية، وندوِّن ملاحظاتنا عنه ونناقش حالته بالإنكليزية، ونصف له العلاج بها، وكل ما يتصل بالمريض يكون بها ، وهذه ظاهرة غير موجودة عند باقي الأمم.

الدولة العربية الوحيدة التي تدرِّس العلوم باللغة العربية هي سوريا، وربما لا تزال على ذلك النهج، أو إنخرطت في سلوك العرب المناهض للعربية.

وأعود إلى موضوع التعريب الذي تردد كثيرا، ولا يزال يدور كجعجعة بلا طحين.

فما قيمة تعريب المصطلحات الأجنبية؟

الأخصائيون العرب يحاولون إصدار معاجم للمصطلحات العلمية، وهم يفسرون الماء بعد الجهد بالماء، لأن المصطلح يبقى مجهول المعنى في الوعي الجمعي، فالغاية ليست إعطاء المصطلح إسما عربيا، والأهم أن يكون المعنى واضحا.

فلو سألنا الناس عن معنى (الفصام)، لوجدنا السائد ليس المعنى العلمي له، وإنما كل يراه من زاويته، وما يثير في وعيه، بينما لو أبقينا على الإسم المتعارف عليه (شيزوفرينيا)، وشرحنا المعنى لكان أكثر قيمة ودورا في المعرفة.

وقس على ذلك العديد من المصطلحات التي نسميها عربيا، ونجهل معناها وما تشير إليه.

إن المطلوب الضروري أن نعرف معنى المصطلحات بأي لغة كانت، لا أن نسميها بلغتنا ونبقي على جهلنا بها.

ووفقا لهذا المنحى، فالتعريب يساهم في التخريب المعرفي، لا كما يظن المشتغلون بالتعريب، وحتى مجامع اللغة العربية والعلمية قد أخطأت لأنها تسمي ولا تعرِّف!!

فهل لنا أن نعرِّف؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم