أقلام حرة

حشاني زغيدي: حقيقة العبادة في الإسلام

حشاني زغيديوأنا أبحث عن مفاتيح السعادة أبصرت حقائق هزت كياني، فتحت عيني على أمور مهمة، لحقائق مقررة في ديننا ؛ كون ضباب كثيف حجب حقائقها، وجدت الواحد منا يقفز على حقيقة التعبد، يولي اهتماما بالمناسك حد الغلو، ربما يحتفي بالطبول والمزامير،و يبتهج بها بأفراح وأهازيج، أو ربما ينتحل اسمها، يستبدل الهوية فينادى بين القوم باسمها، لتتحول العبادات إلى عادات نتباهى بها بين الناس، حقائق التعبد غير ذلك .

الله عز وجل يوجه عباده إلى حقيقة التعبد الحقيقي في نداء واضح صريح

يقول في محكم التنزيل: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ سورة الكهف : 110 ]

لا تعجب حين تنهار الركائز والأعمدة في لحظات وجيزة، تصبح تلك الركائز كبيت منهار لا يصمد عند أول الهزات والأعاصير،و ما انهار ألا عندما فقد عناصر سلامته وآمانه، والمثال نفسه يصدق في ميدان التعبد، نعم في أحيان كثيرة يذهب بريق النسك والتعبد عندما تفقد تلك القربات مقاصدها، حين تخرج عن مسارها، حين تصبح العبادات بلا روح، حين تكون تلك العبادات مجرد حركات معزولة خارج مجال السير الموجه، الذي تصنعه تلك العبادات في كيان الإنسان المؤمن،حين تتحول تلك العبادات إلى طاقة موجبة، تصنع العجائب في القيم والسلوك، تجعل الحياة جنة ساحرة قوامها التقوى، قوامها المسارعة في الخيرات، وتلك هي حقيقة التعبد .

لا تعجب أن ينهار البيان في لحظات حين يفرغ العمل من الإخلاص، وحين تنهك الحرمات، تصبح الأعمال هباء منثورا، يؤكده الأثر الصحيح.

 (يؤتى يوم القيامة بأناس لهم أعمال كجبال تهامة يجعلها الله هباء منثوراً، قيل: يا رسول الله جلهم لنا ؟ قال : إنهم يصلون كما تصلون، ويصومون كما يصومون، ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها) سنن ابن ماجه عن ثوبان

فالعبرة في الإسلام بالحقائق والعبرة في الإسلام بالمخرجات والعبرة أن تحرر نية الأعمال، فيكون قصدنا الله ورضاه، نقوم بها حبا لله، قصدا لإرضائه ونيل مثوبته، بذلك العمل عبادة، والبحث وطلب العلم عبادة، وإماطة الأذى، وإغاثة الملهوف عبادة والسعي في طلب الرزق عبادة، وإصلاح ذات البين عبادة، وتفريج الكرب عبادة، خدمة الزوج لأهله عبادة، وإحسان تربية الأبناء عبادة، وتحصين الشاب نفسه عبادة، والابتسامة في وجه الآخرين عبادة، والسعي في حاجة الآخرين عبادة، وإلقاء التحية عبادة، وترقى لغير ذلك من المعاني التي نتقرب بها لله تعالى، على كل مسلم أن يدرك حقيقة العبادة ولا يدرك معنى العبادة فيها حتى تسع الدنيا والآخرة، تسع الفرد والجماعة، يفصلنا عن العبادة إلا ارتقاء الروح لبارئها .

وختاما تتجلى هذه الحقيقة في توجيه الله لخير البشر، يحدد الله طريق السعادة الدائمة بتوجيه سماوي .

يقول الله تعالى:

(ولقد نعلم انك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجديين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) من سورة الحجرات الآية 97

ونحن نعبر هذا الطريق الطويل الشاق علينا أن نصلح أنفسنا...

وندعو غيرنا إلى جمال الإسلام بالحسنى

كي ننعم بحفظ الله في الدنيا والآخرة

 

الأستاذ حشاني زغيدي

 

في المثقف اليوم