أقلام حرة

صدمة متقاعد

يقول الناشط السياسي الأمريكي مارتن لوثر: المصيبة ليست في ظلم الأشرار بل في صمت الأخيار وهذه خير مقولة أبدأ بها حديثي اليوم، ونحن كصحافيين أو إعلاميين أو مراقبين من واجبنا أن نسلِّط الضوء ونتحدث وننتقد كثير من المشكلات والظواهر المزمنة والحديثة، أما ظاهرة اليوم التي سأتحدث عنها في هذه المقالة هي صدمة المتقاعد الذي تفاجأ بإستقطاع راتبه أضعاف العمولة الطبيعية من قِبل مكتب صرف الرواتب والتحويلات المالية ! ترى لماذا؟ وهل يستوجب للمصرف الإستحصال من الإستقطاعات؟

ظواهر الفساد ليست جديدة علينا،  كما أن الحديث عن الفساد مادة مستهلكة لم تُكافح من قبل القانون والجهات المسؤولة، فحن مازلنا نعاني من جريمة سرقة المال العام بألوانها وأنواعها، لأنها تنخر الوزارات والقطاعات والمؤسسات، و ظاهرة استقطاع رواتب المتقاعدين تعد إحدى أصناف السرقة لأن المتقاعد بالنهاية مواطن والمواطن دائماً مغلوب على أمره.

الغريب في الأمر أن المتقاعدين تلقوا رسائل من مصرف الرشيد تبشرهم بتخفيض النسبة إلى ثلاثة آلاف فقط دينار ! لكنهم في الإستلام لم يتوقعوا أن العمولة بمبلغ ١٢ الف دينار، ومن الطبيعي أن نسأل ونستفسر عن هكذا قضايا تتعلق بالمال والإقتصاد بالإتجاه نحو خبراء في هذا الشأن لكي يوضحوا لنا الأمر فهل هو إجراء طبيعي أم سرقة؟، لأننا ببساطة اعتدنا على السرقة، وتبين إن نسب الإستقطاع المبالغ بها عمل غير موجب أو مسموح به ضمن القانون، ويروي صاحب المكتب للمتقاعد أن المصرف أدخل خدمة (السوبر) بإستقطاع الراتب فوق المليوني دينار  لقاء مبلغ ١٢ الف دينار، هذا مااستدعى شكوى المتقاعدين من هكذا مشكلة جديدة، حيث دعوا مصرف الرشيد للتحقق من هذه العملية، بمتابعة قسم التفتيش التابع للرشيد بإجراء جولات ميدانية للتأكد من سلامة ونزاهة عملية صرف وتسليم الرواتب حسب الآلية الإعتيادية، والأغرب في الموضوع أن أصحاب المكاتب يتجاهلون الرسائل الهاتفية النصية التي ارسلها المصرف للمتقاعدين وتقتضي بدفع عمولة ٣ آلاف فقط !، أما الأمر الثاني والذي يندرج ضمن عمليات الإبتزاز التي مازال المواطن هو من يدفع ثمنها لأصحاب الأموال المبتزين والمستفيدين،  هو أن المصرف أرسل إلى المتقاعدين قراره بتمديد صلاحية بطاقاتهم لثلاث سنوات بقيمة ٨ آلاف دينار، وبهذا يكون المصرف ابتلع المليارات من كاهل المواطن .. وهنا المتقاعد يريد توضيحاً من المصرف أو الشركات، ويسبق هذا تحقيقاً فعلياً من قبل هيئة النزاهة في هذه العملية الفاسدة التي فرضت عضلاتها على شريحة المتقاعدين، كما أن الشركات التي يتعاقد معها المصرف يجب أن توضِّح خدماتها للمواطن بالتفصيل لكي لاتقدِّم خدمة معينة تكون خارج صندوق اهتمامات المواطن أو المتقاعد .

الأهم من كل ذلك هو أن يشبع أصحاب البطون التي امتلئت بالمال غير الشرعي من عقود الفساد التي أهلكت واوقعت المواطن البسيط في حفرة التقشف والفقر وادت بإنجراف البلاد نحو الإفلاس الذي نسمع عنه فقط في الأنباء والإحصائيات الوهمية، فالعراق واقعاً بلد الثروات والمال، لكن سوء إدارة هذه الأموال وسرقتها ومشاركتها مع الدول المجاورة هو جعل الحال على ماهو عليه.

***

ابتهال العربي

 

في المثقف اليوم