تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

بديعة النعيمي: الحرب على غزة (88): مصالح متبادلة (5)

كان "مناحيم بيغن" منذ مفاوضات كامب ديفيد قد وضع الأسس التي تقبل بها دولة الاحتلال فيما يدعى زيفا وكذبا "حل القضية الفلسطينية". هذا الحل الذي يتناسب مع مزاج دولة الاحتلال.

وقد التزم رؤساء حكومة هذه الدولة وقادتها بتلك الأسس التي وضعها "بيغن" حتى يومنا هذا. كما أخذتها الولايات المتحدة الأمريكية بعين الاعتبار في جميع مفاوضات السلام التي خاضتها دولة الاحتلال مع الطرف الفلسطيني. كما والتزمت بهذه الأسس الأنظمة العربية التابعة والمستسلمة لواشنطن.

أما عن هذه الاسس فتتضمن

- عدم السماح بقيام دولة فلسطينية تتمتع بمقومات الدولة المستقلة.

- رفض إعادة الأراضي التي احتلتها دولة الاحتلال إلى القيادة الفلسطينية ، لكن يُسمح بقيام سلطة ذاتية على الفلسطينيين في بعض المناطق مع إبقاء السيادة لدولة الاحتلال على الأرض. كما يحق لدولة الاحتلال تنفيذ عمليات أمنية داخل هذه الأرض.

- استمرار مشاريع الاستيطان داخل الأراضي الفلسطينية.

وعودا إلى الانظمة العربية التابعة للولايات المتحدة والتي ربطت انظمتها سياسيا واقتصاديا وامنيا، مقابل الدفاع عن المصالح الأمريكية مثل النفط وحرية الأسواق وتواجد القواعد العسكرية على اراضيها. والأنكى من ذلك كله الحفاظ على أمن دولة الاحتلال وضمان استقرارها وتفوقها. مقابل غض الطرف من قبل الولايات المتحدة عما تنتهكه هذه الأنظمة من انتهاكات وقمع لشعوبها وممارسة الفساد. ويجدر الذكر هنا ان الولايات المتحدة تستطيع إزالة هذه الانظمة مجرد إجبارها على تطبيق الديمقراطية مع شعوبها، وهنا النتيجة ستكون معروفة وهي إزالتهم عن كراسيهم لا من قبل الولايات المتحدة بل من قبل الشعوب المقهورة. لذلك فهذه الأنظمة تعمل على كل ما ذكرنا من عار للاحتفاظ بتلك الكراسي.

أما بالنسبة لأولئك الذين انحازوا للسلام الأمريكي وهرولوا نحوه بكل طاقاتهم من بعض القيادات الفلسطينية لظنهم ان الموقف الأمريكي سيكون إلى جانبهم في تقرير المصير وإقامة الدولة، فقد خاب ظنهم لان ما ظنوه يتناقض مع الأهداف الأمريكية بالحفاظ على قاعدة نفوذها "دولة الاحتلال".

ويكفي ان نذكر هنا بأن القيادات الأمريكية المتتالية كانت قد تعهدت ولا زالت بالتشاور مع القيادات اليهودية قبل اتخاذ أي قرار حول سياساتها في الشرق الأوسط وخاصة تلك المتعلقة بفلسطين.

بل ودعم جهود دولة الاحتلال في توسعها داخل الأراضي الفلسطينية. فجاءت اتفاقيات أوسلو واولادها لا لمصلحة الشعب الفلسطيني بل جاءت لتصب في خدمة دولة الاحتلال ولتحسين وضعها وجعله أفضل مما هو قبل أوسلو.

فبعد أوسلو لم يتوقف التوسع وإقامة المستوطنات في مناطق الحكم الذاتي ولم تتوقف الحواجز المهينة ولا الجدران العازلة العنصرية ولا توقفت الاعتداءات على الأراضي ولا عمليات الهدم ولا الاعتقالات والأهم لم تتوقف الاقتحامات التي يقوم بها قطعان المستوطنين للمسجد الأقصى ، بل ازدادت وأصبحت أكثر وحشية ، وها هي بقراتهم الحمر قد أصبحت جاهزة ، يهددون بذبحها والتطهر من دنسهم وهدم مسجدنا المبارك وإقامة هيكلهم المزعوم.

والكارثة الكبرى هو التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال. وكل ذلك بمباركة أمريكية.

ولهذا كانت ٧/أكتوبر التي كشفت المستور وأسقطت الأقنعة وأيقظت الوعي العربي لدى الشعوب ومن هنا يبدأ التحرير بإذن الله.

***

بديعة النعيمي

في المثقف اليوم