تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

حتى لا نمارس بذخ النقد (المُهْلِكِ) للنسل والعباد

حتى لا نمارس بذخ النقد "المهلك" ونكون مثل جرير والفرزدق في شعر الهجاء، لا بد من تملك عمليات النقد ضد الذات وتصويبها باتجاه الآخر. ففي ظل رؤية التوافق والاحتكام للعقل الجمعي لم يبق لدينا حاكما ولا معارضا شرسا، بل بتنا نتحدث لغة واحدة وهي الخروج من الجائحة بأقل الخسائر. اليوم يجب أن نعترف أن تطوير المجتمع لا بد أن تكون سكته متواصلة بسرعة"تجيفيTGV"، وهي التحولات التي لا مفر منها وقد تصبح مثل كرة الثلج القادمة من الجبل أكثر حدة ومتسعا بالمطالب والأولويات. من اليوم لا بد أن نستوقف التفكير في بناء تحول نوعي من نفس نبع ذات ما بعد الاستقلال. من اليوم يجب أن نبحث عن تأسيس مخفضات حصينة لسرعة التغيير الجارفة، و حتى التغيرات السريعة غير المراقبة بـ (رادار Radar) القيم الاجتماعية السليمة. من اليوم لا بد من مواجهة كمون التغيير غير النافض للغة المطالب، لا بد من مواجهة عمليات التيئيس من التجديد والتحديث، لا بد من مناصرة الثقة في المستقبل وبناء مسارات التغيير المرتكزة على السلم الاجتماعي والعدالة والكرامة.

الثورة على الإحباط، ورؤى سوداوية المستقبل، لا بد أن تكون لغة يمتلكها الشعب بالعامية نحو ترييش أجنحة الفساد، وضبط عقارب التنمية بالتسريع المندمج، نحو بناء رافعات ركيزة تضع المراقبة والمتابعة في يد المجتمع المدني والفاعل السياسي والمؤسسات الدستورية. فالثورة على الإقصاء والتهميش يجب أن يكون حلا جوهريا (تجربة زمن (كوفيد) ثلاث أرباع من الشعب تقريبا يحتاج إلى الدعم) ، يجب نسف كل الفوارق الاجتماعية العمودية بشكل هرم"خوفو" والتي تجعل من القاعدة متسعا لشعب الحاجة والفاقة، يجب أن تكون طريق التطور(النموذج التنموي الجديد) حلما جماعيا لا نخبويا.

صدق التغيير ينبعث من بناء روح الذات والجماعة والوطن بالايجابية التفاعلية، صدق البناء يكون بضبط عقارب ساعة تتحرك من الذات وفق الصدق والثقة في المستقبل وردم فجوات الماضي(الانتكاسات السياسية)، وفق العناية بتميم ممرات مأسسة مفهوم الوطنية والتي لا تختزل في رفع الشعارات بمفرقعات دوائر (رغوة تيد TIDE)، بل في الوفاء للثوابت والمقدسات وللمؤسسات الدستورية، وكذا من خلال العناية بالوحدة الوطنية والاعتراف بها كفاعل محرك للتغيير. إنها أصعب المسارات التي تتناول الانتقال من أنانية الهوية (الفردية) إلى نقيضها (المشترك) المنفتح على القيم والمعتقدات والثوابت اللازمة للعيش المشترك.

حق القول بالختم، حين تنكسر رغبات الذات (الفئوية) يسود الإحباط وانعدام الثقة، وينمو الحقد الاجتماعي ومفهوم (المقهور) و(الحكرة)، وتظهر الآثار السلبية وتصبح الهزيمة متمكنة من السيطرة على الذات والآخر بالتوسع . لنختم بأننا بالإفراد والجمع في حاجة ماسة إلى خلوة مع الذات، خلوة غير صوفية بالتمام، لكنها تفتح الحوار مع (أنا)، وتساءل المحيط .

***

محسن الأكرمين

في المثقف اليوم