أقلام حرة

لمى ابوالنجا: أريد أن أصبح مشهورة

دار حوار بيني وبين إحدى المعارف في مجلس نسائي حول المقالات التي أكتبها والقصص المكتوبة وبعض الفيديوهات التوعوية المسجلة  عبر تطبيق سناب شات في نطاق ضيق نوعاً ما والتي تتناول التاريخ والقضايا الإجتماعية والتحليل النفسي والفلسفة والأساطير مع محاولة تقريب الصورة للمشاهد بالأزياء والأماكن.

قالت: أنا هدفي الشهرة وسوف أفعل أي شيء لأحقق أكبر عدد من المتابعين وأدخل لهذه الحياة الفارهة فما سوف أحصله من عدة إعلانات أضعاف دخل موظف عادي لعام كامل، لو كنت مكانك لما ترددت لحظة واحدة في طريق الشهرة والنجاح تملكين محتوى لا بأس به لكنك "ساذجة ومثالية" زيادة عن اللزوم.

لم أناقشها كثيراً فقط رددت أني لا أمانع إيصال ما أقوم به للناس ويسعدني أن أرى الوعي لديهم وتأثرهم بآرائي وإتساع زوايا نظرتهم للأمور لايهمني عدد المتابعين وان كثروا بمجرد أن أسمع أنني إستطعت إلهام شخصاً واحداً وجلب السعادة لقلبه فهذا نجاح عظيم بالنسبة لي..

بعد إنتهاء السهرة فكرت بكلامها كثيراً وحللته كعادتي من عدة جهات ، كانت على حق فيما ذكرته حول الوضع الإقتصادي وتحقيق ثروة هائلة تتطلب خمسة عشر عاماً ربما من الإدخار من راتبي الشهري والذي لن يفيدني حتى بتحقيق ربع قيمة أرباح مشهورة من مشاهير مواقع التواصل هذا عدا عن أن الشهرة بحد ذاتها ليس هدفاً صعباً خاصة هذه الأيام ، أعني كفتاة فإن الأمر لايتطلب سوى قدر من الجمال أو ميزانية لعدة عمليات تجميل بسيطة حتى يتأمن مبلغ كافٍ للمزيد منها ، تسوق ، شرح خطوات ماكياج "في البداية فقط" ، شلة من صديقات الأنس  حيوان أليف ،وتغطية كاملة لكل جزء من حياتها حتى تصل بعد فترة للتوثيق وتبدأ الشركات والمطاعم والمقاهي والأسر المنتجة بنيل رضاها للإعلانات لكن بالرغم من كل هذا ، فإن دراسة الجدوى بمشروع بهذا الشكل يحمل الكثير من المخاطر.

أولاً الحفاظ على هذه القاعدة الجماهيرية يعتبر تحدي كبير وذلك بسبب:

١- إنعدام الموهبة الحقيقية.

٢- أهداف سهله ومتاحة للجميع ولا تتطلب مجهود شخصي أو سعي مضني لها.

٣- عدم وجود معايير عالية للتميز.

٤- الهوس وضياع الوقت.

٥- المخاطرة المالية وعدم ثبات الدخل.

ثانياً: رأس المال معتمد بشكل أساسي على نسبة المتابعين وتحت تصرفهم بشكل كامل حيث أن تلك الثروة تتناقص وتتقلص تدريجياً حال ظهور منافس شرس ( أجمل وألطف أو حتى أكثر سخافة) فإنه سوف يسحب تباعاً نصف أو ثلاثة أرباع الجمهور والدعم  خاصة كماذكرت أن معايير النجاح هنا هي في متناول الجميع الصغير والكبير والمراهق والسخيف.

مما يتطلب من الشخص البدء ب"الشحاتة" الحديثة تحت إثارة الجدل لزيادة المشاهدات

إما بالإستعطاف والإستجداء بخلق نوع من الدراما وإفتعال مشاكل مع أي شخص آخر من زملاء المهنه مثلاً معدة بسيناريو مسبق يخدم مصلحة الطرفين (نلاحظ ذلك بوضوح إذا انتبهنا لأعداد تناقص المتابعين عند طرفي النزاع) 

أو القيام بأفعال مشينه والتصريح بآراء صادمه وواسترضاء الناس حيث يصل المشاهير إلى مرحلة أشفق عليهم فيها كثيراً وهي أنهم لايملكون حياة خاصة ولا يملكون حتى المطالبة بها لأنهم هم انفسهم من كشفها من البداية فتنتهك حياتهم مثلما تنتهك إنسانيتهم بحملات شرسة من التنمر والمضايقات.

مما يزيد وطأة الإضطرابات النفسية والسلوكية التي تصيب الفرد من هذه الفئة والسم الذي يبثه يومياً لحياة الآخرين الذين يتابعونه بدافع الحب أو الفضول أو الإستهزاء فقط.

في آخر الأمر أن لاشيء سوف يدوم وهذه الأضواء سوف تنطفيء يوماً ما لكن الدمار الناتج عن هذا الهدف لايمكن إصلاحه لشخص تناقصت قيمته الذاتية ونظرته لنفسه ونجاحه بزوال كل من كان يصفق له يوماً ما..

لذلك فإن كل من شهر بلا موهبة وبلا قضية ما تخلد انجازاته بعد إنطفاؤه حتماً ..لن يعود من جديد

طريق الوصول إلى النجوم اللامعة في السماء... مظلم

***

لمى ابوالنجا 

في المثقف اليوم