تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

صادق السامرائي: الأقلام المتشائمة!!

المنشور في الصحف والمواقع العربية يكتظ بالمفردات التشاؤمية، والعبارات اليائسة المعبرة عن القنوط وفقدان الحيلة، وعدم القدرة على المواجهة والتحدي والتغيير والتأثير الإيجابي، وتدعو للعويل والبكاء الشديد على الأطلال، وترفع شعارات منها "ليس في الإمكان خير مما كان "، و"الزمن السابق أجمل"، وغيرها من نداءات التقهقر والتراجع ألف خطوة وخطوة إلى الخلف، وكأن كتابها ينادون " إلى الوراء دُرْ"!!

فما تجود به الأقلام من إبداع بأنواعه، يشترك بالبكائيات والحزائنيات، والتعبيرات السلبية التخميدية، التي تسوّغ إستلطاف الوجيع والحرمان من أبسط حقوق الإنسان.

فالشعر لطميات، والقصص حزائنيات، والمفكرون يكتبون بمداد الدموع، وغيرهم بمداد النجيع، والجميع يبدو بإحتفاليات إنقراضية، وتفاعلات غبراوية، تريد أن تلغي الزمان والمكان، وتندحر في بقعة سوداء ذات تداعيات نكراء.

هذا السيل التشاؤمي الدفاق من أفواه الأقلام الجنائزية، يتسبب بتحقيق دمارات فردية ومجتمعية، لأنه يشحن النفوس بالمشاعر المؤذية المتسببة بإنهيارات تفاعلية تناهض الحياة.

والمطلوب أن تكون الكتابات تفاؤلية، وذات جرأة وطاقات تحدي وإستبسال، وتساهم في شحذ الهمم الوطنية، وتعزيز القدرات الواعدة المبشرة بمستقبل مشرق جديد، فالمجتمعات تمر بفترات قاسية لكنها تتخطاها وتحقق أهدافها، وتبني قدراتها اللازمة لصناعة ما تريد.

ولا بد من القول بأن الكتاب بأنواعهم يشاركون بما يصيب مجتمعاتهم، لأنهم قادته المعرفيون وبوصلة مسيره مع الأيام، وعندما يضخون المجتمع باليائس الحزين، فالوعي الجمعي سيختزن طاقات كفيلة بالتعبير عمّا ترسخ في دنياه منها.

فالأقلام تقود، وما تبثه وقود، وقد يحرق أو يعود، فعلينا أن نمتطي جواد الكلمة الطيبة، ونترجل عن حصان الكلمة الخبيثة القاضية بطعن الوجود.

فهل سنكتب بمداد النور والإيمان، وننتصر للحق وننبذ العدوان، ونتحدث عن حقوق وقيمة الإنسان؟

إنها تساؤلات، في مجتمعات تحسب البشر أرقام!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم