أقلام حرة

صادق السامرائي: الإسلام والرسالة والدولة!!

موضوع مثير وحساس والجواب المعتاد أن الإسلام رسالة ودولة، وفي هذا تكمن مأساة المسلمين بالإسلام، فهو في جوهره رسالة إنسانية مطلقة وليس دين دولة، كما تحقق في مسيرات التاريخ الدامية.

لكن المشكلة التي واجهت المسلمين بعد تبني الرسالة من قبل شعوب متعددة، أن لا بد من تأسيس نظام حكم بإسمها، فكانت دولة الخلافة وما تبعها من دول، إتخذت من الدين ذريعة للحكم وفرض السيطرة والنفوذ.

وموضوع الدين والكرسي ليس بجديد، بل رافق البشرية منذ الأزل، فلكي تحكم الناس عليك أن تكون صاحب تفويض إلهي يهيمن على عوالم الغيوب.

وبموجب ذلك أول أنظمة الحكم كانت تدار من قبل الآلهة، ومن ثم أبناء الآله وأنصاف الآلهة، حتى وصلت إلى من ينوب عن الآلهة.

ولم يكن فرعون أول من إدّعى بأنه إله، ولم يكن رمسيس الثاني أول من فرض رؤيته أن أعبدوا الشمس، وكذلك المأمون الذي فرض القول بخلق القرآن، وقبلهما وبعدهما الكثير من الحالات، وحتى في زمننا المعاصر هناك من يدّعي في الإسلام أنه نائب الله في الأرض.

إن الدولة شيئ والرسالة شيئ آخر، ولا يصلح الخلط بين الحالتين، فالدولة ترتبط بالكرسي الذي يتمثل بقوانيه الغابية وتطلعاته الإستحواذية السلطوية القاهرة لمعارضيه، والرسالة ذات توجهات إنسانية سامية مهذبة للروح والنفس ومنطلقة نحو الفضاء السامي الأرحب.

فعندما توضع الرسالة في الكرسي، يتحقق القضاء عليها، وتكتب شهادة وفاتها، ولهذا فالأحزاب المؤدينة بأنواعها ما أن تجلس على الكرسي حتى تأتمر بأمره، وتنسى ما يتصل بها من السلوكيات والقيم والشعارات.

فالكرسي يقتل العقيدة والرسالة، ولا يوجد حزب عقائدي تمثلَ عقيدته وهو في الكرسي.

هذه معضلة سلوكية يصر عليها المسلمون الجاهلون بجوهر الدين، والذين يتمتعون بأمية سياسية فادحة، مما يترتب على سلوكهم المزيد من التداعيات والتفاعلات السلبية، القاضية بالتقهقر والتدحرج المأساوي إلى ما بعد الوراء، ولن تنجز غير سفك الدماء والمظالم وتعزيز الفساد والعدوان على الإنسان!!

فهل من رؤية معاصرة للدين والحياة؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم