أقلام حرة

علي حسين: عن النزاهة واخواتها!

أتمنى ألاّ تضايق ملاحظاتي التي سأطرحها في هذه الزاوية السادة المسؤولين عن القضاء في العراق، فما نكتبه في النهاية مجرد "حجي جرايد" كما يصر الكثير من مسؤولينا وساستنا. قرأت قبل أيام قليلة الخبر الذي يقول إن رئاسة محكمة استئناف بغداد الكرخ،

أعلنت تسلمها ملف التحقيق الإداري الخاص بالشكاوى ضد لجنة أبو رغيف. ولأنني من هواة "البحوشة"، فقد اكتشفت أن القضاء نفسه وفي أيلول من عام 2020 اعتبر أن لجنة ابو رغيف قد "التزمت بتطبيق جميع معايير حقوق الإنسان التي نص عليها الدستور". وبعد شهر واحد بالتمام والكمال عاد القضاء نفسه ليصدر بياناً علق فيه على الشكاوى ضد اللجنة، وجاء في البيان الجديد بأن: "جميع معتقلي لجنة ابو رغيف قد التقوا بذويهم أو محاميهم، وأن هذا حق مضمون قانوناً". هل أنا أدافع عن لجنة ابو رغيف؟.. لا ياسادة فأنا مواطن مغلوب على أمره يريد أن يعرف الحقيقة، وكيف تحول متهم مثل مدير المصرف الزراعي السابق إلى مناضل يتجول في الفصائيات يشرح لنا كيف عانى في السجن.. ولم يسأل أحد السيد المدير السابق عن البيان الذي أصدرته لجنة النزاهة في حزيران عام 2021 والذي يقول إن "دائرة التحقيقات في الهيأة أفادت بتجريم محكمة التمييز الاتحادية المدان: مدير المصرف الزراعي، من خلال المصادقة على قرار محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزيَّة القاضي بالسجن مدة ست سنواتٍ" . طبعاً من حق السيد مدير المصرف الزراعي أن يشكو من الظلم الذي وقع عليه فالرجل لم يتورط سوى بعدد قليل من ملايين الدولارات، بينما الذين نهبوا المليارات يخرجون في الفضائيات يصرخون "وا نزاهة"، كما أن من حق السيد جمال الكربولي أن يشكو ظلم السياسة بعد أن سهلت له أن يجلس على قائمة كبار الأغنياء، ومهدت له ولأحد أشقائه لفلفة أموال وزارة الصناعة مثلما تمت لفلفة الأموال التي تم التبرع بها لجمعية الهلال الأحمر. أيها السادة الأهم من الحديث المكرر عن لجنة ابو رغيف هو حق الشعب في أن يعرف من الذي سرق أمواله ومستقبل أبنائه. السؤال الجوهري لم يكن هو: كم مسؤولاً متهماً بسرقة أموال البلاد؟ ثم ــ وهذا هو الأهم ــ من الذي يتحمل مسؤولية ضياع مئات المليارات من موازنة العراق؟. ونريد كشعب أن نعرف أليست هناك ملفات فساد كثيرة لم يقترب منها أحد حتى هذه اللحظة لا لشيء إلا لأنها تمس أشخاصاً تحرص الدولة على عدم الاقتراب منهم، بل أن البعض ممن ملأ الفضائيات أغاني وحكايات عن النزاهة والشفافية، حيث تحول الفاسد والمرتشي إلى خطيب مفوّه عن الفضيلة والأمانة.

***

علي حسين

في المثقف اليوم