أقلام حرة

علي حسين: كهرباء السفيرة!!

في منتصف القرن الماضي كتب الفرنسي رولان بارت بحثاً عن الصورة وعلاقتها بالسياسة قائلا: "هذه الصور ما هي إلا مجموعة من الإعلانات التي لا تحظى باحترام الجمهور".

وأعتذر لكم عن العودة إلى أحاديث الكتب، لكن ماذا أفعل ياسادة، ونحن نعيش عصر الصورة التي تكشف لنا أن كل شيء لا يتغير في بلاد الرافدين سوى إجابات المسؤولين ومن يصفق لهم .

قبل أيام امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بصورة انقطاع الكهرباء عن مطار بغداد الدولي، وبعدها شاهدنا صوراً لمواطنين عراقيين يشكون أمرهم إلى الله بعد أن ضاقت بهم سبل الكهرباء ودرجات الحرارة التي حولت العالم إلى تنور. إلا أن الصورة التي نالت التعليق الأكثر ومعها علامات التعجب والاستغراب كانت صورة السفيرة الأمريكية ألينا رومانوسكي وهي تقوم بجولة على محطات الكهرباء، والخبر يقول إن السفيرة تريد أن تعرف "علة" الكهرباء في بلاد الرافدين، وربما تساءلت كيف لبلاد تولى فيها عالم "نووي" بحجم حسين الشهرستاني تشكو من الكهرباء!.الشهرستاني الذي تولى منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة ومعها وزارات النفط والكهرباء والتعليم العالي، كان قد قرر أن يصدر الكهرباء العراقية إلى الصين لولا تآمر الإمبريالية على "معاليه" وأحبطت مشاريعه في الطاقة المتجددة والخضراء.

لعل مغارة علي بابا التي أطلق عليها سهواً اسم وزارة الكهرباء، بدأت حكايتها منذ أن أخبرنا إبراهيم الجعفري بأن عام 2006 عام المارد الذي سيخرج من القمقم ويجعل العراق مضيئاً، ثم أخبرنا السيد نوري المالكي قبل عشرة أعوام بالتمام والكمال باننا :"سنوفّر الكهرباء على مدار الساعة يومياً ونحتاج لتريليون دولار للبناء"، والعجيب والغريب أن نبؤة السيد المالكي تحققت وحصل العراق على أكثر من مليار دولار من واردات النفط، لكن وآه من مفردة "لكن" اللعينة، هذه الأموال دخلت مغارة علي بابا ولم تخرج.

إياك عزيزي القارئ من أن تظنّ أنّ "جنابي" يطالب بمحاسبة "العالم" حسين الشهرستاني، حاشا لله أن يجرؤ كويتب مثلي مناطحة "العباقرة"، فالديمقراطية العراقية تقضي بأن يبقى الصحفي العراقي متفرجاً، مسموح له أن يكتب، لكن ممنوع عليه أن يدس أنفه في شؤون "الفخامات".

ليس أمامك عزيزي القارئ، سوى أن تصدّق أن السفيرة الأمريكية مهمومة بشؤون الكهرباء العراقية، خصوصاً عندما تصرف وقتها الثمين هذه الأيام في التجوال بين المحطات، لكن عليك أن تصدق عزيزي المواطن أن صورة السفيرة في محطات الكهرباء لو كانت ظهرت في زمن مصطفى الكاظمي لما نام العلامة حيدر البرزنجي في بيته ولأقام الفضائيات وأقعدها، مطالباً بطرد السفيرة المتآمرة. لكنه والحمد لله كتب في تويتر يشيد بتحسن الكهرباء في الشهور الماضية. وبالتأكيد مواطن مثلي لا يستطيع حل مثل هذه الألغاز.

***

علي حسين

في المثقف اليوم