تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

صادق السامرائي: معاوية كاتب فهل كتب؟!!

الدارس لتأريخ معاوية بن أبي سفيان، لا يجد مدونات تؤرخ لنشاطه السياسي الذي إمتد لأكثر من أربعة عقود نصفها أميرا وواليا والنصف الآخر خليفة.

والمذكور عنه أنه كان يكتب، والبعض يؤكد أنه من كتّاب الوحي، أو من كتاب النبي، أي يكتب له الرسائل.

لكنه في فترة حكمه، لم يهتم بالكتابة والتدوين، ويُقال أنه إعتمد على الآخرين، وخصوصا السريان في إدارة شؤون الدولة ودواوينها.

لكن السؤال الذي تصعب الإجابة عليه، أنه كان يجيد القراءة والكتابة، فلماذا لم يهتم بهما؟

بمعنى أن يؤسس لمجمع من الكتاب والمدوّنين؟!

هل أنه كتب ووثق نشاطاته ومنجزاته، والذين جاءوا بعده أبادوها؟!!

فما وردنا عن تأريخ العرب والمسلمين، يعود معظمه إلى عصر أبو جعفر المنصور وما بعده، ولا يوجد إلا النادر القليل في زمن الدولة الأموية التي إستمرت لما يقرب من قرن.

ومن المعروف أن العداء وروح الإنتقام ضد الأمويين كانت غالبة في الدولة العباسية.

ولهذا من الصعب الكتابة عن معاوية بن أبي سفيان، ولكن يمكن التقدير من نتائج الأمور وخواتمها وحسب.

وعندما تبحث فيما كتب عنه، تجده متطرفا بإتجاهين، وفيه درجة عالية من العواطف والإنفعالات، ولا تجد كتابات محايدة عقلانية ذات منهج علمي يعالج الحقائق ويحاول أن يضع الأمور في نصابها.

وما يمكن إستخلاصه، أنه صاحب حنكة سياسية وطموحات سيادية، وقدرة على تأسيس ملكه وبسط إرادته على أصقاع مترامية من الدنيا، وكأنه قد أوجد إمبراطورية، وإتخذ الإسلام لبسط نفوذه وتأمين هيمنته على الأرض التي فتحها، وهو أول القادة العرب الذين ركبوا البحر وأسسوا إسطول حربي عربي.

لكنه لم يضع الأسس المتينة لبناء دولة تدوم لقرون، كما فعل أبو جعفر المنصور الذي أرسى منطلقات الدولة التي دامت لأكثر من خمسة قرون.

فدولته السفيانية إنتهت بعد وفاته بأقل من عقد، ولولا المروانيون من بني أمية لإنتهت الدولة الأموية، والحقيقة أن عبد الملك بن مروان هو الفاعل الرئيسي فيها، وحكمها لأكثر من عقدين، ومن بعده أولاده.

فمعاوية أفنى ما أسسه، لعدم وضعه البنى التحتية الكفيلة بدولة عنيدة، ويبدو أن العائلة كانت تعاني من داء السكر، الذي على الأرجح قضى على خليفة يزيد في بضعة أشهر أو أسابيع، ولا يمكن تبرأة المرض مما أقدم عليه معاوية في العقد الثاني من خلافته.

وتذكر المصادر أن معاوية كان شديد السمنة، حتى أصبح مقعدا بسببها، وهناك بحوث تشير إلى أنه كان يعاني من مرض السكر، وما يتصل بالسمنة من مضاعفات.

وموضوع توريث الحكم إنطلق به وسنه، وتواصل من بعده حتى اليوم!!

فهل يعقل أن العلويين والعباسيين سينصفون معاوية ودولة بني أمية، وهم الذين أبادوا الأمويين، إلا ما ندر منهم، كعبد الرحمن الداخل.

ربما يمكن القول بأن معاوية لم يكن قاسيا على بني العباس والعلويين، مثلما بدت قسوتهم على الأمويين بعد أن سقطت دولتهم، فما فعله بهم أبو العباس السفاح، كما جاء في معظم المدونات،  يمكن وصفه بالإبادة العرقية، وبإنتقامية منقطعة النظير، وهم مسلمون وعرب.

فأين الصدق والحق فيما وردنا من أخبار وما دوّنه المؤرخون؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم