أقلام حرة

علي حسين: الدولار أم العطل؟!

وجدت الحكومة أن أزمة الدولار وصعوده موضوع لا يهم المواطن، بقدر ما يعنيه إقرار قانون للعطل، الذي سياخذ بنظر الاعتبار حسب تصريحات بعض النواب أن يكون للعطل الدينية مكان فيه.. ولأن المواطن العراقي لا ناقة له ولا جمل في قرارات الحكومة ومشاريعها "التنموية" فأنه يتعامل مع مثل هذه الأخبار باعتبارها نوعاً من أنواع البطر،

فماذا يعني أن يتم تخصيص نصف السنة بالتمام والكمال عطل رسمية يتمتع بها المواطن في جزر هاواي، أو يقضي بعضاً منها على سواحل الأطلسي، باعتبارها نكتة، لكن الحكومة ومعها البرلمان مصرون على تحويل النكتة إلى أمر واقع، حين طالبوا المواطنين جميعاً بأن ينشغلوا بعمل مفيد وهو الدعاء للبرلمان بالتوفيق في رسم خارطة للعطل تكون بين يوم وآخر، فما حاجتنا إلى العمل والنفط موجود والحمد لله، وما حاجتنا إلى المصانع ونحن نستورد حتى البصل؟.

حتى يوم أمس لم أكن أعلم أن بعض النواب كارهون لمبدأ المواطنة، مصرون على إشاعة مبدأ الطائفية باعتبارها نموذجاً يحصدون من ورائه المكاسب والمغانم والمناصب، وهو النموذج الذي لم يحصد من ورائه العراقيون سوى القتل والتشريد، ففي تقرير مثير نشر أمس أخبرنا أحد النواب مشكوراً أن لجنة الأوقاف والعشائر في البرلمان ستناقش موضوعة العطل وستعطي لكل طائفة حقها في العطل، طبعا اتمنى ان يمنح العشائر عطلا رسمية تختارها بنفسها .كما أن قانون العطل نفسه يمنح رئيس الوزراء أن يعلن عطلة متى يشاء. ولهذا ما الضرر ان يضع النواب لكل طائفة جدولاً بعطلها ،

للأسف نحن نعيش اليوم مع سياسيين يتوهمون أنهم أصحاب رسالة، ويعتقدون أن خلاص العراق يكمن في العودة إلى الوراء، سياسيون يعلنون عن وجودهم عبر إشاعة مفهوم الطائفة الضيق، بديلاً عن مفهوم المواطنة الذي يجمع كل العراقيين، سياسيون ومسؤولون يتركون تعهداتهم أمام الشعب ليمارسوا لعبة خلط الاوراق، التي تدفع الناس للتساؤل: هل هناك قوانين تراعي مصالح آلاف اليتامى والأرامل؟ وهل فرغنا من ازمة الكهرباء ؟ وهل حقاً نعيش عصر التغيير؟، وتحققت أهداف العراقيين بالديمقراطية والعيش في ظل نظام يؤمن عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية؟ وهل تشكلت مؤسسات دولة محترمة تضمن حقوق جميع العراقيين؟ أو تجاوزنا كل المصاعب ليخصص البرلمان جزءاً من وقته يفتح فيه البعض كتب التاريخ القديمة ليثير من خلالها الفرقة والبغضاء بين أبناء الشعب الواحد. إن إقرار قوانين تنظم العطلات الرسمية حق مشروع، لكن أن يجري ضمن الصيغ الطائفية ، فهذا مؤشر خطر لأن الناس دفعت ثمناً غالياً من دماء أبنائها بسبب الصراعات الطائفية. عندما يصبح كل شيء سيئاً وفاسداً فإن الناس سوف تكفر بالديمقراطية التي تترك هموم الناس وتنشغل بالعطل .

***

علي حسين

في المثقف اليوم