أقلام حرة

صادق السامرائي: حرام الإحترام!!

إستغربَ صوت ناشط لأن أحدهم إعترف بدوره، وأثنى على أعماله التي تخدم الوعي العام وتنير العقول، وكان في دهشة لإفتخار إبن وطنه به.

فالسائد في واقعنا السلوكي، واحدنا يسعى لتحطيم رأس أخيه، والنيل منه وإظهار مثالبه وإنكار فضائله، فليس من عادتنا الإعتراف بفضل بعضنا، وبدورنا في صناعة الحياة الطيبة.

إذ نمتلك طاقة تخريب غابية، ونجتهد بالوصول إلى أهدافنا التدميرية، التي تشعرنا بالفخر والإعتزاز والقوة، فما أشد قسوتنا على بعضنا.

هذه حالة فاعلة فينا عبر الأجيال، وتنخر وجودنا وتستهلكنا، وبموجبها نتحرك بإنحدارية فائقة نحو الحضيض.

فلدينا أرفع الإمكانيات والقدرات في كافة المجالات، وترانا في آخر ركب الدنيا وقاع الزمن المعاصر، وطاقاتنا فذة وأصيلة، وعقولنا مبدعة وكبيرة، والتفاعل السلبي يهلكها ويفرغها من الإنتاج الجيد البديع، القادر على شق المسارات الصاعدة.

ونؤكد في سلوكنا أن "مغنية الحي لا تطرب"، ونتشبث بالغريب الطارئ ونتخذه راية وقدوة، ونحسب التقدم في التبعية والإمتثال لما عند الآخرين من عطاءات متنوعة.

والعجيب في أمرنا أننا لا نستوعب معنى التقدير والإفتحار والتعزيز ونعتبر ذلك مديحا، فما أن تتباهى بزميل ومبدع حتى يتوهم بأنك تمدحه، ولا يستوعب أنك تثمن جهوده وتشجعه على العطاء المتميز.

وإذا حاولت إظهار أصحاب الإنجازات الصالحة، وشددت على أيديهم، سيحسبون ذلك مديحا، وهذه كارثة سلوكية، لأننا في مهلكة المديح والقديح ولا نفهم غيرهما.

إن المجتمعات الواثقة من نفسها تتكاتف وتكون كالبنيان المرصوص، أما المجتمعات الممزقة فتتناثر وتتعادى، وتستغرب إذا أبدى أحد أفرادها مشاعرا ذات قيمة إنسانية، خصوصا عندما يخرج من قبضة منظومة القطيع.

فلماذا لا تتكاتف عقولنا؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم