تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

بديعة النعيمي: الحرب على غزة (90): ما الذي أعاده 7 أكتوبر

كان احتلال فلسطين والاستيلاء عليها يستوجب على الحركة الصهيونية تطهيرها من سكانها الشرعيين ثم إحلال يهود الشتات الذين لا تربطهم بالأرض أية روابط مكانهم.

فجاء هؤلاء تحت شعار "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض". وقد مارست العصابات الصهيونية عمليات التطهير العرقي ضمن خطط تم الإعداد لها قبل البدء بتنفيذها بسنوات.

فارتكبت المجازر وهدم البيوت ومحو قرى بالكامل وعمليات الطرد والإخلاء بهدف استئصال الفلسطينيين من الذاكرة الجماعية. وقد أدت عمليات التطهير العرقي إلى فصل الفلسطينيين عن أرضهم بل وتفكيك المجتمع الفلسطيني.

واستندت تلك العمليات بالأساس على الأساطير والخرافات وتغافلت المواثيق والقوانين الدولية والإنسانية. فلم تعترف دولة الاحتلال بأنها ارتكبت تطهيرا عرقيا بحق شعب. وأنكرت مسؤوليتها عما أفرزه هذا التطهير من مشكلة للاجئين وتداعياتها على الشعب الفلسطيني لأن كل ذلك تم تحت غطاء دولي.

وقد ساهم هذا الغطاء في محو جرائم التطهير العرقي من الذاكرة العالمية، حيث لم يتم إلى اليوم محاكمة المجرم على ما ارتكب، بل على العكس لقد كوفئ هذا المجرم بعد عام واحد ١٩٤٩ من ارتكاب جرائمه بمنحه العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وبهذا تم تجاهل مأساة الشعب الفلسطيني سواء مشكلة اللاجئين أو عمليات التطهير العرقي. حتى أن قضية فلسطين وما يحصل داخل حدودها غُيّبت بالكامل عن الواجهة العالمية وتعامت الأنظمة العربية عنها خاصة بعد اتفاقيات أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة الاحتلال، بل واعتبرت هذه الدول القضية قد حُلت ولهذا دخلت هي الأخرى باتفاقيات سلام مع دولة الاحتلال.

لكن وبعد توقيع اتفاقيات أوسلو ازدادت الانتهاكات من طرف دولة الاحتلال حتى أن آثار الاتفاقية وصفت بالكارثية فالجرائم بحق الشعب الفلسطيني ازدادت والمخططات الشيطانية مثل صفقة القرن والتهجير القسري وتهويد فلسطين وغيرها لم تلفت نظر العالم ولم تحرك ضميره.

فجاء 7 أكتوبر لإعادة ما تم محاولة محوه من الذاكرة العالمية، ووضعته في الواجهة الأمامية.

جاءت هذه العملية لتقول للعالم أن الجرائم الكبرى كجريمة التطهير العرقي لا تسقط بالتقادم كما كانت دولة الاحتلال تظن. جاءت لتطلق صرخة في وجه العالم بأنه لا يضيع حق وراءه مطالب.

وأن طوفان الأقصى يتكاثر في كل مكان من العالم. وأنه لا يصح إلا الصحيح، والصحيح هو أن يحاسب المجرم على ما ارتكب ويرتكب إلى اليوم، سيحاسب العدو عما ارتكبه ويرتكبه بعد 7 أكتوبر في غزة وبعد محاسبته سيخرج جارا أذيال الخيبة خلفة نحو الشتات، المكان الطبيعي له ويعود أصحاب الأرض إليها بإذن الله.

***

بديعة النعيمي

في المثقف اليوم