تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

ثامر الحاج امين: نقد المسؤول ليس جريمة

على الصعيدين الرسمي والشعبي نكاد ننفرد عن دول العالم في نظرتنا الى المسؤول والتعامل معه، فعلى الصعيد الرسمي تمنح حكومتنا الشخص القيادي في هرم الدولة امتيازات واعتبارات تفوق أي مسؤول شبيه له في موقعه عند البلدان الاخرى، فهو يتقاضى مرتبا يزيد على اربعة اضعاف ما يتقاضاه الموظف المماثل له في الشهادة ولكنه يعمل في مواقع غير قيادية، حتى ان بعضهم يقبض خلال الشهر مرتبا يفوق ما يقبضه الموظف الآخر خلال العام كله، فضلا عن الامتيازات والتسهيلات من الحمايات الخاصة وقطع الاراضي المميزة والقروض والإيفادات المتعددة والجواز الدبلوماسي الذي يتيح لهم التنقل بين البلدان بدون متاعب وعراقيل وكلها تكلف الدولة أموالا طائلة مع ان الكثير من المسؤولين لا يتمتعون بشهادات حقيقية ولا يؤدون واجبات يستحقون عليها كل هذه الحظوة وهذا البذخ الذي تغدق به الحكومة عليهم ومن بين اكثر المسؤولين حظوة في الدولة هم اعضاء مجلس النواب الذين يتلقون هذه الامتيازات اثناء الخدمة وبعد مغادرتها ينتظرهم راتبا تقاعديا مميزا لا يتناسب ومدة خدمتهم أي استثناء من قانون التقاعد النافذ رغم ان النائب ليس موظفا حكوميا حتى يحال إلى التقاعد، بل إنه ممثل لناخبيه في البرلمان كما ان العدالة والمساواة تقتضي ان لا يكون هناك فارق كبير بين موظف وآخر مماثل له بالشهادة من المكلفين بخدمة عامة الا بحدود الظروف الي تتعلق بطبيعة عملهما، اما على الصعيد الشعبي فان جمهورا كبيرا من السذج واللاهثين وراء مصالحهم الشخصية ينظرون الى المسؤول على انه شخصا مختلفا وكائنا مقدسا لا يجوز المساس به او التعرض له ويأخذون نقد المسؤول على انه اهانة لشخصه واسقاطا لهيبته وليس ممارسة ديمقراطية هدفها تطوير عمل مؤسسات الدولة، كما لا يدرك هذا الجمهور ــ الذي غالبيته من البسطاء ــ ان الدستور كفل حرية التعبير ومن بينها توجيه النقد الى المسؤول مادامت وسيلة التعبير سلمية هدفها المصلحة العامة ولا تهدد الاستقرار والسلم الاهليين ناسين امرا هو من يتولى منصبا عاما عليه ان يتحمل ضرائب كثيرة منها النقد على قصوره في الأداء وانهم بسبب مناصرتهم للمسؤول الفاسد أوصلوا البلاد الى ما وصلت اليه اليوم، وتستحضرني في هذا المجال قصة الوزير الأمريكي الذي تعرض الى هجوم من الصحافة وشكا ذلك الى الرئيس (هاري ترومان 1884 ــ 1972) فما كان من الرئيس الا ان يجيبه ضاحكا (إما ان تتحمل حرارة الفرن او تخرج من المطبخ) . هذا التعامل وتقديم الامتيازات الهائلة للمسؤول وغياب المسائلة وعدم جرأة الحكومة على اعفاء المسؤول المقصر عندما تجد انه لا يحقق مصالح المواطنين جعله يشعر انه لا رقيب على تقصيره وفساده وانه فوق القانون واعلى شأنا من بقية افراد الشعب ونسي انه منتخبا من الشعب لمتابعة حقوقه وتشريع القوانين التي تنهض بشؤون حياته ومستقبل اجياله .

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم