أقلام حرة

صادق السامرائي: مسلة التأريخ!!

التأريخ البشري مسلة سلوكية تضع أمامنا الأبجديات المؤلفة لمنظوماتها المتنوعة، التي عهدتها البشرية منذ الأزل، وإن تباينت تعبيراتها فمنبعها واحد.

فالنفس ذاتها في المخلوقات ومنها البشر، ومن أهم وسائل التعرف على سلوكنا دراسة سلوك المخلوقات الأخرى، فلا فرق بين ما تقوم به وما يمارسه البشر.

فالنفس قائدة، والعقل مهما تطور فطوعها، والمحكوم بإرادتها، وواجبه أن يسوّغ ما تقوم به وتذهب إليه من التوجهات الرغبوية ذات النوازع المتنوعة.

فالعقل عبد والنفس سيدة!!

ومن النادر وجود بشر تحرر عقله من قبضة نفسه، فالنسبة العظمى من الناس نفوس متحركة، والقلة النادرة ذات عقل فاعل وقائد لسلوكها.

ومن الواضح أن دور العقل يبرز في سلوك السوء وميادين الشرور، لتوافقه مع إرادة النفس الأمارة بالسوء، ولهذا البشرية متقدمة في الصناعات الحربية وأسلحة الفناء المروعة، كأن الشر سلطان والعدوان من الإيمان!!

ويمكن تطبيق ذات الأسس على أية ظاهرة سلوكية في التأريخ، وبالآليات ذاتها، وإن كانت النتائج متغيرة وفقا للظروف المكانية والزمانية.

فالأحداث ذات طبيعة واحدة مهما صغرت أو كبرت، إنها تعبيرات عن عدوانية متأججة في أعماق النفوس التائقة لإظهار إرادة الشرور.

وبموجبها لا يوجد سلام دائم، فالحروب هي الديدن والعنوان، وسفك الدماء لن يتوقف، والخراب والدمار يمنح النفس الشعور بالقوة والإقتدار، ويصل بالحالة إلى عوالم ذات آفاق مروعة.

ولهذا فالحروب العالمية لن تنتهي، وتطور الأسلحة على أشده، وقد بلغ ذروته في عصرنا الحالي، وسيزداد خطورة وقدرة على الفتك الأعظم.

والتأريخ يصح إختصاره، بما جرى في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، وبتوفر وسائل التواصل والنقل الحي للأحداث، تكثفت الصور على شاشة صغيرة وتجمعت في وعاء أصغر.

فهل سنكتب التأريخ أم سيكتبنا بعيون العدسات؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم