أقلام حرة

صادق السامرائي: وليمة الصقور!!

ذات يوم شتائي قارص البرودة مضطرب الرياح تسلق مراد جبل "بلغة" وما أدراك ما "بلغة"، وكانت الطرق النيسمية مكسوة بالثلج الذي يجعله يشعر بأنه يدوس على سطح زجاج، وفي زلة قدم مباغتة إنزلق في وادٍ سحيق، ويبدو أنه فقد الوعي لبرهة، وعندما فتح عيونه وجد عشرات الصقور الكبيرة الحجم الحليقة الرؤوس والأعناق تتصارع حوله، إذ حسبته جثة هامدة، ولولا النظارات الواقية للعيون، أو النظارات الثلجية ذات العدسات الصفراء لفقد عيونه قبل إستفاقته.

حسب مراد أنه في الجحيم ، وبدون تردد مسك مسدسه وأطلق إطلاقة في الهواء، لإبعاد الصقور المتأهبة للهجوم عليه.

وبقي في حيرته بعد أن تحرر من عدوان الصقور، إذ كيفس يخرج من الوادي فلا مجال للخطو فيه فهو منزلق رهيب.

الصقور تتزاحم وجسم مراد المتحرك يرهبها، وهي تريد الفوز به كوليمة، ومسدسه في شاجوره عشرة إطلاقات لا غير، هو حبله السري مع مشيمة الحياة.

تعالى صياحه طالبا النجدة ولا أحد يسمعه، وخاف أن يسمعه العدو فيأتي لأسره أو قتله، وبعد وقت أطول من عمره، مر جنديان وناداهما فانتبها وعرفاه، وبعد فترة أعدا حبلا طويلا ألقي إليه، وما أن أمسكه حتى أخذ يتسلق الزجاج الأملس، ويبحث عن صخرة بارزة ليسند قدمه عليها ويحاول الخروج.

تذكر مراد تلك الواقعة وهو يتابع ما يحصل في الدنيا، فقد تدحرجت قوى في وادي التلاحي وتزاحمت ضدها قِوى، وإن إبتعدت عنها قليلا فلتعد العدة للإنقضاض عليها.

كان صراع مراد في الوادي الثلجي كصراع القوى المقتدرة المتوهمة بالإمساك بعنق الدنيا؟

فهل سقطت القِوى في وادي رَحَل؟!!

ومَن سيمد لها حبل النجاة، أم ستبقى متمحنة في منزلقات الوادي السحيق؟!!

***

د. صادق السامرائي

...........................

 * بلغة: جبل في السليمانية على الحدود العراقية الإيرانية شمال قلعة دزه، وهو من إمتدادات سلسلة جبال الهملايا، ويتميز بإرتفاعه الشاهق.

 

في المثقف اليوم