تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

صادق السامرائي: فتنة التأويل!!

"عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا" الإسراء: 79

"قالت الحنابلة: معناها أن يقعده الله على عرشه، وقال غيرهم: بل هي الشفاعة، فدام الخصام، واقتتلوا جماعة كثيرة"

وذلك في بغداد سنة (316) هجرية، في زمن المقتدر بالله (295 - 319) هجرية، وقتل بسببها خلق كثير!!

التأويل من أهم أسباب الفرقة والتصارع بين المسلمين، وسببه إعمال العقل بالنص القرآني، وما دامت العقول مختلفة فأن ما ستؤوله سيكون مختلفا حتما. 

والمشكلة ليست في التأويل لوحده، بل في أن أصحابه يرونه الأصح والأقوم، وسواه باطل، أي أن التأويل يتسبب بالغلو والتطرف، والتوهم بإحتكار الحقيقة.

التأويل طاعون الدين والمنطلق التدميري له، فالواقع السلوكي يشير إلى أن المؤولين إخوان الشياطين، أو يتفوقون عليهم.

ليؤول مَن يؤول كما يرى ويملي عليه عقله، وعليه أن لا يقر بضرورة الإجماع على ما أوّله، لأن في ذلك الأساس للتدمير وسفك الدماء.

والمشكلة التي تواجه الدين، أنه وسيلة للتسلط على الناس والقبض على مصيرهم، وذلك المرام قائم منذ بداية المجتمعات البشرية والدول، فكانت تتخذ من القوة الغيبية أداة للهيمنة على الناس، وبموجب ذلك يتحول الملك أو السلطان إلى إله، أو صاحب تخويل من قوة غيبية ما.

وهذه اللعبة نجدها قائمة في كل العصور، واليوم تتمثل بنواب الرب، والممثلين للرموز التي تقدست وكأنها ليست من طين.

فالعديد من الرموز الدينية تحولت إلى موجودات ضوئية متفاعلة مع الخيال الضارب في متاهات التأويلات الخالية من البراهين والأدلة العقلية، ومتمسكة بالتواصل مع خرافات ذات تطلعات أسطورية، متفاقمة التأثير والتمرير عبر الأجيال.

وبموجب سلوك التأويل تعدد الدين الواحد وتحول إلى فرق وجماعات متصارعة، وكل منها يريد فرض تأويله على الآخرين، وبهذا تكمن مصيبة الدين، التي يستثمر فيها أعداء الدين!!

وما عادت تنفع " لكم دينكم وليَّ دين"!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم