أقلام حرة

فاضل الجاروش: بين القدوس والمقدس‎

القدوس في اللغة تعني النزيه في ذاته؛ لذلك لايستقيم القول بأن الله مُقدساً، لأن ذلك يُرتب فاعلا خارجيا يُنزههُ أو يُقدسهُ وذلك غير مُتصَور في ذات الله تعالى؛ فالنزاهةُ في جذر دلالتها اللغوية تعني «البعد» عن القبائح وهو فعلٌ ذاتيٌ وليس فعلا خارجيا، أما المُقدس فأنه وصفٌ لمن يريد أو يُحتَمل منه الابتعاد عن النقائص؛ وذلك أمر لايمكن التحقق منه على الظاهر الا بمقدار ما يظهر من النفس في الفعل الخارجي، لذلك تجد أن التقديس اصطلاحا يأخذ منحى آخر يتعلق بالنوازع النفسية للفاعل الخارجي وهو المُريد أو المُحب حيث يجعل هذا المُحب من يُحبه مُقدسا مُنزها عن النقائص مبتعدا عنها رغم أنه يعرف ويُقر بأنه لايُزكي الأنفس الا الله حيث لايكفي ذلك،. مايظهر منها للعيان أو ماتسمع منه الآذان، وذلك قول رسول الله صل الله عليه وعلى آله « أن الله لاينظر إلى اجسامكم ولا إلى اشكالكم؛ ولكن ينظر إلى قلوبكم التي في الصدور» !! وهذا يؤشر إلى عدم إمكانية النظر إلى مافي القلوب الا من قبل الله تعالى، وعليه فإن فرضية الطُهر تبقى في الاحتمال بناءا على تعذر التحقق منها على الدقة، ةمن هنا فإن القداسة تبقى هدفالمن يريد أن يسير في الطريق المنظور من قبل الله تعالى وليس عنوانا أو مرتبةً أو وساما نضعه على صدر من نحب ارضاءً لذواتنا أو نكايةً لذوات الغير، لأنك ستجد أن عدد المقدسين بعدد المُريدين

من هو المقدس حقا؟

بناءً على ما تقدم فأن الله تعالى هو القدوس «البعيد» في ذاته عن النقائص؛ والمُقدس من كانت له صلة تعيينية مع الله «مبتعدا» بفعله المنظور من قبل الله عن النقائص، لذلك اجتباه القدوس حجةً على الخلق نبيا أو رسولا أو وصياً ..

***

فاضل الجاروش

في المثقف اليوم