أقلام حرة

حسين صقور: مرآة السعادة في ذمة الله..

الأرض تنعي ابتسامتها وضحكتها.. سعاد محمد.. أختي في الإنسانية

في ذاك الصباح الحزين كنت ولم أكن موجوداً.. كنت غارقاً في الغياب وكان كل ما حولي سراب.. ووقع الرفض كان نيشانا أعلقه

في وطن لازال يمضي إلى خراب..

لكل مقام مقال و لكل مقال مفتاح

وحين تكون الفاجعة كبيرة تنهمر الدموع بغير إرادتك لتشكل غمامة مابين البصر والبصيرة تخفي في ضباب الألم مفردات وحروف كثيرة لوهلة يعتريك الشك والخوف أيمكن أن تكون قد أضعت مفتاح المقال بأي حرف أبدأ بأية كلمات وما المناسب ماذا يمكن ان يقال.. ثم تدرك أن دموعك هي المفتاح تنزوي حيث لايراك أحد حيث يتدفق ذاك السيل المنهمر مابين مقلتيك شلالا.. لا تدري أين كانت تخبئه المدامع أهو من هول المصاب أم من خيبة الأمل الملازمة لمرارة الواقع.

في ذاك الصباح الكئيب المرير كنت كعادتي أتسلق جدران صفحة الفيس بوك عبر مرور سريع أتقصى (بقدر ما يسمح به الوقت) ما يهمني من أخبار قبل بدء العراك مع صخب النهار..

سقط بصري على صورتها على ابتسامتها وضحكتها التي لم تفارق يوما محياها لتمدنا بطاقة الحب والأمل إذ نلقاها وجه بشوش رغم كل ما خبأته لها الأيام رغم حراب ذوي النفوس الضعيفة.. رغم ورغم.. بقية أميرة الضوء سعاد محمد ترفرف في عوالم الحلم تفرش الربيع بالورود تغرسه في صدر لوحتها على أمل أن يعود

لم يأتي الربيع إليها ولكنه أخذها إليه نعم هي اليوم حية في ذاكرة محبيها الطيبين وفي جنان الخلد في أحضان الربيع و حقها إن ضاع في الأرض فثوابه المستحق عند باريها أضعاف مضاعفة لا تضيع..

في ذاك الصباح الكئيب نعيتها بصدر الصفحة ثم..ثم..شلت أطرافي.. بصعوبة بالغة نقل لساني خبرها لزوجتي ماتت سعاد

شو عم تقول ؟!!

تركت المجلس وتوجهت لأنزوي في مرسمي.. كان هذا الجواب حاسما..

فطالما كان مرسمي ملاذا لأفراح وأتراحي ل أحزاني وآلامي طالما كان مخبأً لدمعي وابتسامي.. هنا في هذا الملاذ أتمدد على سطح دمعة أسرج ضوء الذكريات لأذرفها معطرة عبر كلمات أكشف فيها عن سر احترامي وتقديري لتلك السيدة بالذات

أميرة الضوء أختي وشبيهة أختي ابنة أمي وأبي التي قضت نحبها قبل خمس وسبعين يوماً في إحدى الصباحيات وبنفس المرض بالذات

لا يكمن السر فقط عبر ذاك الشبه الكبير بالشكل والروح إنما عبر تلك الألفة وذاك التقارب الذي تستشعره أمام شخصية واثقة تلقائية وبسيطة كما وردة صامدة في حقول تخنقها الأشواك نعم هكذا كانت وهكذا عرفتها منذ لقائنا الأول (في المؤتمر العام الخامس لاتحاد الفنانين التشكيليين) الذي شكل وتشكل معه انطباعي الأول سيدة بشوشة تضحك ملء قلبها تفرح لنجاحات الآخرين وتهنئ ملء قلبها... إلى زيارتي الأولى لفرع اتحاد الفنانين في طرطوس ثم للمعرض الذي نظمته السيدة سعاد في مهرجان الشيخ بدر (بدعوة منها) وما حصدته من صور الذكريات ومن كتابة رصدت الدقائق واللوحات في رحلتي هذه بالذات.. ثم إلى التواصل الهاتفي بين الفينة والأخرى للاطمئنان عن سير العمل وعن بعضنا البعض بحكم المهنة.. ورغم أنف الشللية و النافذين الساعين دوما للهيمنة على ضعاف النفوس واستخدامهم كقوة رادعة لعزل الحق والانفراد بالباطل.. رغم.. ورغم.. رغم كل العراقيل بقيت أميرة الضوء تنشر عطرها وسحرها ساعية لاقتلاع الأشواك و أغناء حديقتها بالورود.. رغم ورغم.. بقية صديقة لي ولزوجتي التي أحبتها (رغم أنها لم تلتقيها) أحبتها من صوتها من صمتها من سحرها من طاقة حب كامنة كانت ولازالت تنثرها عبر الأثير

في ذاك الصباح الحزين نعت الأرض ابتسامتها وضحكتها وزغردة السماء سعادةً بسعاد.

اختلطت الدمعة بالابتسامة فأميرة الضوء ستلاقي شبيهتها في السماء.

وسنتنقل في عالمنا الكئيب هذا ما بين عتمة وأخرى بحثاَ عن ضياء.

***

الفينيق حسين صقور

في المثقف اليوم