أقلام حرة

بديعة النعيمي: الحرب على غزة (21): الحرب تشتعل تحت أقدامكم

عملية طوفان الأقصى في ٧/ أكتوبر/٢٠٢٣ التي عُمدت بالدم الفلسطيني وسقط خلالها آلاف الشهداء من أطفال ونساء وشيوخ ورجال واعتقال طال المئات تعدى إلى إخفاء أكثرهم وإصابات أيضا بالآلاف ومفقودين تحت الأنقاض، جاءت في وقت ظن فيه البعض أن ملف القضية الفلسطينية قد أغلق ووضع في أقصى زاوية في مسيرة التطبيع العربي ومبادرة المسار الإبراهيمي المزعوم ليعلن للعالم أن فلسطين حية وشعبها باق.

إنها غزة التي قال فيها هارون هاشم رشيد (كانت غزة ومنذ اللحظات الأولى للنزوح الفلسطيني بؤرة للتأجج الوطني،فهؤلاء النازحون الذين وفدوا إليها يحملون في عيونهم وقلوبهم صور مدنهم وقراهم ومزارعهم ومدارسهم ظلت تحفزهم على التسلل إليها والعودة إلى مرابعه).

ففي الجهاد ضد البريطانيين واليهود اشتركت غزة بمدنها وقراها وبدوها. وفي ثورة ١٩٢٩ غادر اليهود الذين كانوا يقيمون في غزة لحراسة الجند ولم يعد منهم أحد بعد ذلك التاريخ. وفي عام ١٩٣٤ شارك سكان غزة بالإضراب التاريخي الذي استمر ١٧٣ يوما. وفي عام ١٩٤٧ كان نصيب قطاع غزة ٧٣٠ اشتباكا من أصل ٩٧١ في الضفة والقطاع.

وفي خمسينات القرن الماضي كانت هي الشرارة الأولى لانطلاق العمليات الفدائية التحررية. وفي انتفاضة الحجارة عام ١٩٨٧ كانت غزة شرارتها عقب حادثة الشاحنة اليهودية التي أدت إلى قتل أربعة من مواطني القطاع.

وصولا إلى انتفاضة ٢٠٠٠ عندما زار شارون الحرم القدسي. حيث بدأت الانتفاضة مقدسية ثم شهدت تطورا عندما استخدمت المقاومة الفلسطينية الصواريخ والتي كان من نتائجها انسحاب دولة الاحتلال من غزة عام ٢٠٠٥. تلاها سلسلة من الحروب خاضتها المقاومة في غزة آخرها حرب ٢٠٢٣ والتي جاءت على إثر اقتحامات قطعان المستوطنين للمسجد الأقصى بهدف إقامة طقوسهم الدينية المزعومة.

فبدأت دولة الاحتلال بكل عنجهيتها وشوفينيتها تمارس أعمال الشيطان من خلفها تقف الولايات المتحدة الأمريكية وعظميات الدول مع مباركة الصمت العربي الخجول على سكان غزة العزّل وارتكاب ما ارتكبته من مجازر دموية حقودة وخرق ما لم يخدم فلسطين منذ ضياعها ذلك المسمى بالقوانين الدولية والإنسانية وغيرها من الترهات التي لم تكن يوما أكثر من خطابات على ورق لم تفعل أكثر من خدش عذرية البياض بسواد حبرها.

ولم تكن تلك الأعمال التي أقل ما توصف به أنها وحشية إلا انتقاما من غزة التي كم مرة تمنى قادة دولة الاحتلال أن يستيقظوا فيجدوا البحر وقد ابتلعها.

وبالرغم من كل ما ارتكب وما يرتكب إلى اليوم إلا ان المقاومة أذاقت وتذيق شواذ الاحتلال الويلات وتحرق الأرض تحت اقدامهم بل وتزلزلها، يخرج مجاهدوها لهم من حيث لا يعلمون.

غزة اليوم قنبلة موقوتة، هي الموت الذي يتمثل لهم في واقعهم وأحلامهم.

وكما هو عهد الشيخ المجاهد عز الدين القسام منذ ثلاثينات القرن الماضي (وإنه لجهاد نصر أو استشهاد).

***

بديعة النعيمي

 

في المثقف اليوم