أقلام حرة

صادق السامرائي: الرؤوس المعلولة!!

أساس البلاء فوق التراب يتأتى من الرؤوس المعلولة، المقبوض عليها من قبل النفوس الأمّارة بالسوء والفحشاء والمنكر اللذيذ.

ولهذا تعلمت بعض مجتمعات الدنيا أن تحتكم إلى دستور يمنع تمركز القوة عند فرد واحد، يمتهنها بعلله الخفية ومطموراته السيئة.

أما مجتمعات أمتنا فتحتَ رحمة الأهواء الفردية المعبرة عن عاهات سلوكية متنوعة، أوصلت أحوالها إلى قيعان الحضيض المهين.

والحقيقة المريرة أن الأديان ودعوات المصلحين والمفكرين توجهت نحو النفس الأمارة بالسوء، وما أفلحت في تهذيبها كما أرادت، ومعظمها تحقق إمتطاؤه من قبلها وتطويعه للوصول إلى غاياتها ونوازعها المقيتة.

وما يجري في الدنيا من مصائب وويلات وتفاعلات سلبية أساسه، إستذءاب تلك النفس وممارستها لسياسة الأنياب المكشرة والمخالب الناشبة في الأبدان.

والذين يتوهمون بأن العقل سيد النفس لا يقتربون من جوهر العلاقة السلوكية بينهما، فالعقل عبد النفس والقادر على تبرير وتسويغ ما تقترفه من المآثم والخطايا، ويجتهد في وضع الضمير في متراس سميك، فيحرر الشعور من وخزاته.

فالأديان فشلت في تأهيل البشر للسيطرة على نفسه، بل وجدت النفس في الأديان ضالتها اللازمة لتمرير تطلعاتها وتأمين رغباتها، وعندما تكون الرؤوس عليلة فأن النفس تستفحل وتسود وتطغى على الواقع الذي تتحرك فيه.

ونفوسنا بهذا المنظار تحكمنا، وتدوس على عقولنا، لأن القدرات الدماغية على قمعها ضعيفة لما تعانيه من علل وعاهات، متوطنة في دوائرها العُصيبية المترجَمة بسلوكيات تدل عليها.

ومعظم التداعيات المريرة والحروب الخطيرة أوقدتها النفوس الفاعلة في أبدانٍ رؤوسها عليلة، وذات عاهات سلوكية ما.

و"لا مال أعود من العقل"!!

"وقد صار هذا الناس إلا أقلهم ...ذئابا على أجسادهن ثياب"!!

فهل سنتوقى من الرؤوس العليلة؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم