أقلام حرة

بديعة النعيمي: الحرب على غزة (29): مقارعة جثامين الشهداء

من المعروف أن البشر عبر التاريخ مارسوا أفعالا وحشية ضد بني جنسهم في حياتهم بغرض التنكيل والإذلال، لكن أحيانا ما كان يتم الانتقام من أعدائهم حتى بعد رحيلهم (بالموت). وذلك بالتسلط على قبورهم ونبشها وإخراج جثثهم لأهداف منها التشفي والانتقام والثأر لأسباب منها الصراع على الأرض وأسباب دينية بالإضافة إلى السعي لمحو أثر جريمتهم. ويرى بعض الباحثين ان لنبش القبور بعد نفسي واجتماعي في قوانين الثقافة والحرب لأي مجتمع. فكيف عندما تجتمع هذه الأهداف والأسباب كلها ضد شعب معين كما حدث ولا زال مع شعبنا الفلسطيني. فها هي جثامين الشهداء عام ٢٠٢٣_٢٠٢٤ في مقابر غزة لم تسلم من أحقاد جنود الاحتلال. وليس أدل عليها مما انتشر من فيديوهات تم تصويرها في مقبرة حي التفاح حيث تصور لقطات يظهر فيها الخراب الذي عم قبور الشهداء بعد نبش الجثامين واقتلاعها في أكفانها وسط أكوام من التراب، وأخرى تبدو مدفونة جزئيا، بين شواهد مقلوبة حيث كانت آثار جنازير الدبابات وعمليات التجريف. وقال أحد الحاضرين في المقبرة أن الاحتلال قد سرق عددا كبيرا من الجثامين لأسباب كنت قد تطرقت إلى ذكرها في مقال سابق.

وهنا نتسائل هل الهدف هو الانتقام بسبب ما ذاقوه على يد المقاومة في معاركها البرية معها؟ ام هو التشفي؟ أم الثار لمن مات من جنود الاحتلال؟ أم هي عقيدتهم؟

والجدير بالذكر أن القانون الدولي يجرم نبش القبور، حيث نصت معاهدات عام ١٩٤٩ في مادتها الرابعة على أن الأطراف المتحاربة عليها ضمان دفن الموتى بطريقة مشرفة، وفي مادتها ال٧٦ الخاصة بأسرى الحرب نصت على أن على الأطراف المتحاربة ضمان دفن الأسرى الذين يتوفون في الأسر بطريقة مشرفة. وتضمنت معاهدة جنيف الأولى والثالثة والرابعة عام ١٩٤٩ أنه على أطراف النزاع ضمان دفن الموتى بطريقة لائقة وفقا لشرائعهم الدينية إن أمكن وان تحترم قبورهم.

فما الذي فعلته دولة الاحتلال؟ لقد ركلت الأعراف والمواثيق والقوانين كلها في عرض الحائط، وارتكبت ما يندى له الجبين وسط دعم غربي وصمت عربي.

اليوم غزة يتيمة تحارب بمقاومتها دول تمتلك تراسانات ضخمة، زودت دولة الاحتلال بآلاف الصواريخ والقنابل المحرمة.

وماذا بعد أيها العالم وإلى متى؟.

***

بديعة النعيمي

 

في المثقف اليوم