أقلام حرة

ميلاد عمر: جنوب افريقيا.. تنتصر لفلسطين وتقاضي الصهاينة

جرائم حرب ترقى الى مستوى الابادة الجماعية، لسكان قطاع محاصر منذ اكثر من عقدين من الزمن، سجن كبير يحوي اكثر من مليونين من البشر، يتعامل العالم معهم بدونية ووضاعة تنم عن اخلاق من يدعون الحرية، ويتشدقون بها في مختلف المحافل الدولية، لكن حرب 7 اكتوبر فضحتهم وعرتهم، فمعاناة الشعب الفلسطيني لم تبدأ حديثا بل بدأت منذ 8 عقود .

يحاول المستعمرين وفي مقدمتهم بريطانيا طمس الهوية الفلسطينية وترحيل من تبقّى من السكان لتوزيعهم بين دول العالم، الفلسطينيون متجذرون في ارضهم منذ الاف السنين فهم اصحاب الارض الحقيقيين وتشهد على ذلك كتب التاريخ والاثار المنتشرة في مختلف ربوع الوطن، وعد بلفور المشؤوم، كان يراد به توطين من لا وطن لهم، المشتتين في مختلف اصقاع العالم، وتهجير المتشبثين بارضهم ليأخذوا محلهم.

لقد اثبت الحروب بين الصهاينة والفلسطينيين مدى تعلق الفلسطينيين بارضهم فلم يغادر الا القلة لظروف قاسية، بينما نجد غالبية الصهاينة القادمين من اوراسيا وغيرها يغادرون تباعا الى حيث كانوا، لانهم يدركون جيدا ان فلسطين ليست ارضهم وان مقولة "ارض الميعاد" ماهي الا كذبة اختلقها ساسة بني صهيون لكسب الراي العام العالمي ونيل عطفه وعطائه، بينما نجد ان العديد من المفكرين اليهود لا يريدون اقامة دولة لهم، بل يفضلون البقاء في بلدانهم التي ولدوا بها وينعمون بالثروات التي جمعوها فاليهود عموما بارعين في فنون التجارة واصبحوا في مقدمة قائمة اصحاب رؤوس الاموال على مستوى العالم، وينتذرون بوجودهم في مكان واحد، خوفا من ان تحل كارثة بهم فتزيلهم من الوجود وفق مخطوطاتهم.

ما بين الشعب الفلسطيني والجنوب افريقي تاريخ طويل من النضال ضد الميز العنصري فالجنوب افريقيون عانوا وعلى مدى عقود من ظلم البيض الذين غزو البلاد ونكلوا باهلها ثم نصبوا انفسهم حكاما عليهم يمتلكون المصانع والمزارع بينما يعمل بها الافارقة برواتب جد بسيطة لا تكاد تسد الرمق ليبقوا دائما تحت السيطرة وتشاء الاقدار بعد سنين طويلة من الظلم ان تتحرر الجموع الغفيرة من السود ذات الاغلبية وتمسك بزمام الامور ليعم العدل .

جنوب افريقيا تدافع عن فلسطين وسط صمت للنظام الرسمي العربي، حيث قدمت ملحمة في الدفاع عن الفلسطينيين بمحكمة العدل الدولية، ومظاهرات تندد بجرائم الصهاينة جابت مختلف مدن دولة جنوب افريقيا، انهم يمثلون الذراع القانوني للفلسطينيين.

شيء مشرف يكتب بمداد من ذهب لشعب وقادة وفريق الدفاع بجنوب افريقيا في سجل الإنسانية، فالدفاع عن المظلوم من شيم الانسانية لا يمارسه الا ذوى القلوب الرحيمة، تحية لشعب جنوب افريقيا، لقد اخجلوا العرب والمسلمين، و لا عزاء لأهل القانون والمحامين وهيئات حقوق الانسان العرب، لم يقوموا بتجهيز أي ملف بشان الابادة مثل جنوب افريقيا، بل اكتفوا مثل حكامهم ببيانات الشجب والاستنكار والتنديد.

"طوفان الكرامة" عملية جراحية لا بد منها، رغم الخسائر البشرية والمادية، لإعادة الزخم الى القضية الفلسطينية التي يحاول ساسة العام وادها، والنصر للشعوب التي ترفض الاستكانة والقبول بالأمر الواقع المذل، فما ضاع حق وراءه مطالب وما النصر الا من عند الله بعزيمة شرفاء الامة .

***

ميلاد عمر المزوغي

 

في المثقف اليوم