أقلام حرة

محمد سعد: لماذا لايؤمن المواطن المصري والعربي بالنُّخب!

من أخطر الأشياء التي تواجهها المجتمعات العربية وخاصَّتًا الريفية في المجتمع المصري ،  وظهور أشخاص يُنصَبُونَ أنفسهم بالنخبة في النجوع والعزب والبادية والقرية وحتي علي المستوي الدولة، نصبوا أنفسهم أنهم نُخب  الفكر والثقافة

ويُدِيرُونَ المجتمع المدني من انتخابات وجمعيات أهلية ومجالس عرفية رغم ضئالة فكرهم، وتظهر هذة الفئه نتيجة انتشار الأُمية الثقافية وضحالة فكر الطبقة المتعلمة في المجتمع، في علم النفس التشريحى للشخصية هؤلاء لديهم نقص في التركيبة الشخصية ويحاولون طمس أمراضهم السيكوباتية بظهور علي أنهم صفواتٌ المجتمع...! وهنا نطرح سُؤالًا .. لماذا لم يفلح المثقفون في ترجمة شعاراتهم في العالم العربي...؟

لماذا يتحولون إلى مجرد باعة للأوهام علي مسرح مغلق في بلدان الطرشان...؟!

لماذا لم يتمكنوا من تجديد عالم الفكر وتغيير الواقع...؟

إن النقد هو تحليل للعوائق التي تحول دون أن يكون المفكر مُبدعًا في حُقُولِ الفكرِ مُنتجًا في ميادِينِ المعرِفةِ. إن هذه العوائق هي عبارة عن أسئلة عقيمة أو  ثُنائِيات مُزيفةٌ أو مقُولاتٌ كثِيفةٌ أو بداهات محتجبة وكلها أوهَامًا خادعة تحجب الكائن وتطمس المشكلات بقدر ما تنفي الحقيقة وتقصي الذوات

والأوهام كثيرة، منها وهم النُّخبَة. أعني بهذا الوهم سعي المثقف إلى تنصيب نفسه وصيًّا على الحُريةِ والثَّورة  في دول الربيع العربي، أو رسُولًا لِلحقيقةِ والهِدَايةِ، أو قائِدًا لِلمُجتمعِ والأُمةِ في مُنعطفٍ تاريخِي، وَلَا يَحتاجُ المرءُ إِلَى بيانَاتٍ لِكي يقُول بِأَنَّ هذهِ المُهمة الرسُولِية الطليعِية قدْ تُرجِمت على الأرضِ فَشَلًا ذرِيعًا وإِحبَاطًا مُمِيتًا في فتراتٍ تاريخيةٍ لِتحدِيدِ مَصِيرِ شُعُوبِهِم علي الأرض ،،، وخير مثال علي ذلك ماحدث عام 1968 /أثناء إضراب العمال والطلبة كادت (باريس) تحترق ،هنا دور النُّخبَة والمفكريين  في فرنسا ودور الفيلسوف والمفكر {سارتر} عندما طلب الرئيس "ديجول" بالرحيل رغم أن" ديجول" محرر فرنسا من النازية والشخصية الوطنية التي وقفت في الميدان لتعلن تحرير فرنسا من الاحتلال الألماني واطلق علية النار من فوق اسطح البنايات ورفض الإنبطاح علي الأرض أو الإنحناء   حفرت في وجدان الشعب الفرنسي صورة للمناضل  / لقد عزلة الفيلسوف سارتر عندما دعاه للمناظرة اثناء المظاهرات ...!!

فالمثقفون حيث سعوا إلى تغيير الواقع من خلال مقولاتهم، فوجئوا دُومًا بما لا يتوقع:- لقد طالبوا بالوحدة، فإذا بالواقع يُنتجُ مزيد من الفرقة، وناضلوا من أجل الحرية، فإذا بالحريات تتراجع. وآمنوا بالعلمنة فإذا بالحركات الأصولية تكتسح ساحة الفكر والعمل.

وهكذا يجد المثقف نفسه اليوم أشبه بالمحاصر، وليس السبب في ذلك محاصرة الأنظمة له، ولا حملات الحركات الأصولية عليه، كما يتوهم بعض المثقفين، بالعكس، ما يفسر وضعية الحصار هو نرجسية المثقف وتعامله مع نفسه على نحو نخبوي اصطفائي، أي اعتقاده بأنه يمثل عقل الأمة أو ضمير المجتمع أو حارس الوعي. إنه صار في المُؤخرة بقدر ما اعتقد أنه يقُودُ الأمة، وتهمش دوره بقدر ما توهم أنه هو الذي يحرر المجتمع من الجهل والتخلف.

وهذا هو ثمن النخبوية: عزلة المثقف عن الناس الذين يدعي قودهم على دروب الحرية أو معارك التقدم، ولا عجب فمن يغرق في أوهامة ينفي نفسه عن العالم ومن يقع أسير أفكاره، تحاصره الوقائع،

هذا دأب الذين قدسوا فكرة الحرية لقد وقعوا ضحيتها بقدر ما جهلوا أمرها ولذا فهم طالبوا ورفعوا شعار [حرية عدالة اجتماعية] لكي يمارسوا الاستبداد وهذا شأن الذين قدسوا العقل ونزهوه عن الخطأ لقد فاجأهم اللامعقول من حيث لا يحتسبون، إذ العقل ليس سوى علاقته بلامعقوله، وحسن إدارته، أن مشكلة المثقف هي في أفكاره لا في مكان آخر، وأن مأزق النُّخبَة يكمن في نُخبوِيتُهِم بالذات وإذا كان البعض يعطي امتيازًا لأهل الفكر على سواهم، باعتبار أن الإنسان هو كائن ميزته أنه يفكر، فإن عمل الفكر سيف ذو حدين، قد يكون أداة كشف وتنوير، وقد يكون أداة حجب وتضليل، ولا عجب فالمرء بقدر ما يوغل في التجريد أو يغرق في التفكير، ينسلخ عن الواقع المراد تغييره أو يتناسى الموجود في مورد العلم به، ولهذا فإن صاحب الفكر الحيوي والمتجدد يبقى على قلقه ويقيم في توتره المستمر بين الفكر والحدث، أو بين النظرية والممارسة، إنه من يحسن صوغ المشكلات لأن مشكلته هي دومًا أفكاره إن أوهام النُخبة في المجتمعات المغلقة ساعد علي حجب المثقف عن المشاركة لانة في النهاية سوف يصاب (بالجنون او يتهم بالجنون) عندما يحاول كشف الاقنعة المزيفة ويعري سوء عورات هؤلاء النُخب...!!

***

محمد سعد عبد اللطيف

كاتب وباحث مصري متخصص في علم الجغرافيا السياسية

 

في المثقف اليوم