أقلام حرة

بديعة النعيمي: الحرب على غزة (54): الاعتقال اللاشرعي

خلال الحرب على غزة اعتقل جيش الاحتلال مئات الفلسطينيين في أنحاء مختلفة من القطاع وسط الجوع والعطش والبرد. وفي معتقلات خالية من الإنسانية مثل الواقع في منطقة زيكيم وسجن النقب يتعرض هؤلاء المعتقلين للتنكيل فمن الضرب بالهراوات المعدنية وعصي الكهرباء إلى صبّ الماء الساخن على رؤوسهم بحضور متفرجين مدنيين يهود قاموا بتصوير هذه المشاهد بكل متعة على جوالاتهم النقالة. كما شارك هؤلاء المتفرجون بدور آخر بالإضافة إلى المشاهدة والتصوير والتشفي، بتعرية المعتقلين وتعريضهم للعذاب بشكل علني.

وقد تبجح جيش الاحتلال بأن سبب هذا الاعتقال هو التحقق إذا ما كان بعضهم من مسلحي حماس أو نشطاء منها. وحتى لو افترضنا أن هؤلاء المعتقلين مسلحين أو معادين يظل القانون يتطلب معايير معينة،  تبدأ بمعايير المادة السابعة والثلاثين من اتفاقية جنيف الرابعة والتي تضمن لهم الحماية والمعاملة الإنسانية سواء كان من حيث تأمينهم بالطعام والشراب والنوم الكافي،  هذا في حال كما قلنا أنهم مسلحين. فكيف ونحن أمام اعتقال مدنيين لا علاقة لهم بالسلاح؟

ومن هنا فالمادة الثالثة المشتركة في اتفاقيات جنيف الأربع بما يخص المعتقلين المدنيين،  تنص على أنه " يجب معاملتهم معاملة إنسانية دون تمييز يقوم على العنصر أو اللون أو الدين أو المعتقد" كما تحظر المادة الثالثة " الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية وبخاصة القتل بجميع أشكاله والتشويه والمعاملة القاسية أو التعذيب".

لكن أين هذه المواد من كل ما حصل ويحصل إلى الآن مع سكان القطاع وصولا إلى الأطباء؟ فها هو الطبيب سعيد عبد الرحمن يعتقل من المستشفى الأهلي من قبل قوات العدو التي اقتحمت المستشفى وحجزت الطبيب لمدة ٤٥ يوما حيث قامت بتكبيل يديه وساقيه وعصب عينية طوال فترة اعتقاله. ويقول الطبيب أن سجانيه أمروه بالنوم في أماكن مغطاة بالحصى دون فراش ووسط موسيقى صاخبة.

كما أقدمت قوات الاحتلال على اعتقال مدير مجمع الشفاء الطبي الدكتور محمد أبو سلمية بتاريخ ٢٣/نوفمبر/٢٠٢٣ فوقع فريسة للتعذيب الوحشي حيث حرم من النوم وتعرض للإهانة بإجباره على المشي على أطرافه وقاموا بتكسير يديه وقدميه كل هذا لأنه رفض تسجيل فيديو يتهم المقاومة باستخدام المستشفى كمقر عسكري.

فما الأسباب التي تدفع دولة الاحتلال إلى اعتقال مدنيين لا ضرورة لاعتقالهم، فهم لم يتجسسوا ولم يتسببوا بتهديد أمن دولة الظلم هم فقط نزحوا من منطقة إلى أخرى في القطاع بحثا عن مكان آمن. فأين محاكم العهر واتفاقيات الكذب من كل جرائم الحرب البشعة التي ترتكب في غزة؟.

***

بديعة النعيمي

في المثقف اليوم